بقلم : سليمان جودة
يصف القرآن الكريم بيت العنكبوت بأنه أوهن البيوت.. أى أضعفها على الإطلاق.. والغريب أن جهاز المخابرات الإسرائيلى، الشهير بـ«الموساد»، يشتهر أيضًا بأنه بيت العنكبوت، وفى الغالب فإن الذى أطلق عليه هذا المسمى لم يكن يعرف أن هذا البيت هو أوهن البيوت، وأن المسمى فى حد ذاته، حسب التعبير القرآنى، هو دليل ضعف أكثر منه دليل قوة!. ولا ينطبق مسمى بيت العنكبوت هذه الأيام على شىء بقدر ما ينطبق على العالم وهو يواجه ڤيروس كورونا، فالولايات المتحدة بجلالة قدرها تتراجع أمامه، وتخشى أن يُصاب به رئيسها دونالد ترامب، ومن شدة الخوف بادر ترامب بوقف رحلات السفر بين بلاده وأوروبا على الشاطئ الشرقى للمحيط الأطلنطى!.
والطريف جدًا هو هذه الاتهامات المتبادلة بين الإدارة الأمريكية والصين.. فكل طرف يتهم الآخر بأنه يقف وراء إطلاق هذا البلاء على العالم.. وهذه بالمناسبة لاتزال مسألة واردة ومحتملة.. وإن كانت المسألة حتى الآن لا يقوم عليها دليل، فلم يكن هناك طرفان يتصارعان عالميًا بضراوة قبل ظهور كورونا إلا أمريكا والصين.. وأهل القانون يبحثون فى مثل هذه الحالات عن الدوافع وعن المستفيد.. هذا على مستوى جرائم الأفراد.. ومن المنطقى أن ينطبق المبدأ نفسه على جرائم الأمم فى حق بعضها البعض!.
وعلى امتداد شهور طويلة مضت، كنا نتابع حربًا تجارية بينهما لم تكن لتهدأ إلا ليجرى استئنافها من جديد، وكان كل طرف منهما يذهب بالحرب إلى حافة الهاوية، ولكنه كان يحاذر دون الوقوع فيها، وكان الظاهر لكل ذى عينين أن كلا الطرفين يتمنى لو قضى على الثانى بضربة واحدة!.
العاصمة بكين ترى أن الجيش الأمريكى هو الذى أطلق هذا الوباء على أرضها، فى غفلة منها ومن أجهزتها المختصة.. ومن فوق أرض مدينة ووهان الصينية، بدأ الڤيروس مسيرته، ثم راح يتحرك ويتوسع على امتداد الكرة الأرضية.. وإدارة ترامب ترى من جانبها أن حكومة الرئيس الصينى، شى جينبينج، هى التى أفلت منها «كورونا»، فى لحظة كانت تُخضعه فيها للتجربة فى واحد من مختبراتها!.
ولابد أن أفضل شىء قيل فى وسط هذا الشجار بين الطرفين هو ما صدر عن حكومة الصين، التى نصحت روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومى الأمريكى، بالتوقف عن الاتهامات والتركيز أكثر على التعاون مع شتى الدول لمواجهة تمدد الڤيروس فى كل اتجاه.. وبعدها قد يأتى وقت تجلس فيه الأطراف كلها لترى مَنْ بالضبط الذى أطلق هذا الوحش متناهى الصغر على البشرية فى كل مكان!.
ما أقسى أن يكتشف هذا العالم المتباهى بما وصل إليه من أسباب القوة على الأرض وفى الفضاء أنه أضعف من بيت العنكبوت!