بقلم سليمان جودة
ما هذا العبث الذى يحدث فى البلد؟!
لقد بلغ اهتمام المسؤولين، على مستويات عليا، بأسعار كروت الشحن، حداً جعلنى أتوقع أن الرئيس لو لم يكن على سفر، لكان قد عقد اجتماعاً عاجلاً للبحث فى أسعار الكروت، بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وكيف أن أسعارها لا يجوز أبداً أن تتحرك إلا بخطاب، وإلا بنسب مئوية تتفق عليها الدولة مع شركات الاتصالات!
ما هذا العبث مرة أخرى؟!
إننى لم أجد فى المقابل أحداً من المسؤولين أنفسهم، اهتم ولو عابراً، بأسعار المواد الغذائية، أو أسعار المواصلات، أو أسعار الخدمات العامة التى يكتوى بها كل مواطن تقريباً.. لم أجد اهتماماً يوازى ربع الاهتمام بأسعار الكروت!
إن غالبية المصريين تستخدم كروت الشحن فى الثرثرة، وفى قتل الوقت، وفى قلة القيمة، فهل هذا بالضبط هو ما يريد أن يغذيه هؤلاء المسؤولون الذين انتفضوا لمجرد أنهم عرفوا أن الكارت الذى يباع بمائة جنيه، سوف يباع للمستهلك بمائة وعشرة جنيهات، فتدخلوا على الفور، وقالوا «لا» بأعلى صوت، وتمسكوا بأن الزيادة لا يجب أن تتجاوز خمسة جنيهات!.. يعنى 5٪ من السعر القديم للكارت!
إذن.. فما رأيكم أيها المسؤولون الكبار أن أسعار الغذاء، والمواصلات، وشتى أنواع الخدمات العامة، قد تم ضربها فى اثنين، وفى ثلاثة، ومع ذلك فإن صراخ المواطنين يبدو أنه لا يستأهل أن يسمعه أى مسؤول، من الذين أخذتهم الغضبة الكبرى فى مواجهة أسعار الكروت!
أيهما أهم للمواطن الذى يطحنه الفقر والغلاء: سعر كارت الكلام الفارغ فى يده، أم سعر وسيلة المواصلات التى يستخدمها للوصول إلى عمله، إذا كان عنده عمل أصلاً؟!
أيهما أولى: سعر كارت الثرثرة، أم سعر كيلو الفاكهة، التى صارت محرمة على كثيرين من المصريين؟!
أيهما أجدى، أن ينال اهتمام المسؤولين فى هذا البلد المنكوب بالعدد الأكبر من مسؤوليه: سعر كارت تضييع الوقت، أم سعر الأدوات المدرسية التى أصابها الجنون، مع بدء عام دراسى جديد، بينما مسؤولونا مشغولون بأسعار الكروت، تزيد أم لا تزيد؟!.. وإذا زادت فبأى نسبة بالضبط؟!
العوض على الله فى البلد مع مسؤولين من هذه النوعية الرديئة!