بقلم سليمان جودة
تبدو قناة «سكاى نيوز عربية» وهى تقدم خدمتها الإعلامية لمشاهديها فى المنطقة، وكأنها على قناعة تامة، بأن من سمع، ليس كمن رأى!
والقصة دائماً، أن من يسمع عن شىء، يظل فى رؤيته، أسيراً لمن سمع منه.. أما من رأى بعينيه، فهو يشكل قناعاته بعقله هو، لا بأهواء آخرين!
ولأن المواطن عندنا، غارق حتى أذنيه، فى قضاياه الحياتية اليومية، التى تستهلك وقته كله، فلا تجعله قادراً على متابعة شىء مما يدور فى الدنيا من حوله، فإن مسألة من نوع حقه فى الحصول على خدمة إعلامية جيدة، وموضوعية، وأمينة، يمكن أن تمثل له، والحال هكذا، ترفاً.. لا ضرورة من الضرورات!
إننى أذكر جيداً، أن هذه القناة، دون غيرها تقريباً، كانت هى مرجع المشاهد العربى، وقت محاولة الانقلاب الغامضة على أردوغان، فى 15 يوليو الماضى، ولقد سمعت وقتها بنفسى، من مشاهدين كثيرين، كانوا يلهثون وراء متابعة الحدث، أنهم كانوا يتنقلون بين مختلف القنوات، ثم يستقرون فى النهاية، أمام سكاى نيوز عربية!
كانت فى تلك اللحظات التى شدت انتباه العالم كله، تنقل الخبر الضخم، أولاً بأول، من داخل تركيا ذاتها، وليس نقلاً عن وسيط ثالث، وكانت بكاميراتها تمسح المدن التركية الكبيرة، مدينة.. مدينة!
وأظن، أن الشىء ذاته، بادرت هى به، فى معركة الرئاسة الأمريكية، فكانت موجودة هناك، تتحدث عما «تراه» قبل حسم المعركة بشهرين، ولم تكن هنا تتحدث عن أشياء «سمعت» عنها، وكانت تتواجد فى مقر ترامب الانتخابى، وفى مقر كلينتون بالسواء، ثم كانت تتسابق، وتسبق، فى إعلان النتيجة!
أعرف أن أمامها قنوات تنافس بقوة، مثل «العربية» طبعاً، أو «الغد العربى» أو غيرهما، وأعرف أنى على الأقل، متابع للثلاث معاً، ولغيرها طبعاً، غير أنى أرصد هنا، ما تابعته، وما رصدته على شاشتها، ثم أتمنى أن يكون درس انقلاب تركيا منها، كقناة، ثم درس انتخابات الولايات المتحدة، حافزاً لنا على مستوانا المحلى داخل البلد، لندرك، أن من حق المواطن أن تتاح أمامه المعلومة الصحيحة، عما تموج به الدنيا من أحداث، وعما يدور فى بلده، قبل الدنيا، دون أن «تتلون» المعلومة فى الطريق إليه، ودون أن نحاول بسذاجة، تشكيل عقله نيابة عن صاحبه!
ليس من سمع، كمن رأى.. هذا هو درس «سكاى نيوز عربية» من مقرها فى أبوظبى، لعلنا نعى ونفهم، ونحن نخاطب مشاهدينا، فلا نخاطبهم على أنهم أطفال!