بقلم : سليمان جودة
الحظر الذى تفرضه بريطانيا وروسيا على مدينة شرم، منذ وقع حادث طائرة سيناء، فى أكتوبر قبل الماضى، يتجاوز الحظر السياحى، على مدينة هى سياحية بطبيعتها، إلى شىء آخر تماماً، سأحدده بالضبط عند آخر هذه السطور!
بل يبدو الحظر الذى يقترب من عامين، وكأن لندن وموسكو تشجعان الإرهاب، ولا تقطعان الطريق عليه!
وإلا.. فماذا تنتظر العاصمتان الكبيرتان، من شاب فقد عمله فى واحد من فنادق شرم، وانضم إلى طابور العاطلين، بعد أن كان يجد ما ينفقه على نفسه وعلى أسرته.. ماذا تنتظر منه العاصمتان، وهو يرى بعينيه أن السياحة تتدفق على بريطانيا رغم أنها تعرضت لخمس عمليات إرهابية، خلال ثلاثة أشهر فقط.. لا أكثر!.. لقد شهدت لندن فى ٢٢ مارس الماضى، عملية دهس وطعن وإطلاق نار على رصيف البرلمان، فى اللحظة التى كانت تريزا ماى، رئيسة الوزراء، موجودة داخل مبناه!
ومن بعدها تتابعت ثلاث عمليات كبيرة على عاصمة الضباب، كانت آخرها فى منتصف يونيو، عندما دهس إنجليزى مهووس المصلين فى طريقه، وهُم خارجون من المسجد، بعد صلاة التراويح!
وقبل أيام كانت العملية الخامسة فى شمال البلاد!
ومع ذلك فإن حركة السياحة إلى لندن، أو إلى أى مدينة بريطانية، مستمرة.. ولم يحدث أن دعا أحد إلى حظر السياحة إلى هناك!
وما يقال عن لندن، يمكن أن يقال عن موسكو، وعن روسيا كلها!
فلماذا شرم وحدها؟!.. ولماذا تبدو المدينة وكأنها تتلقى العقاب على شىء آخر، لا علاقة له بحادث الطائرة؟!.. وهل المقصود هو شرم، كمدينة فى حدودها، أم أن المقصود مصر كبلد؟!
إن عائد المدينة من السياحة، قبل الحادث، هو الأكبر بين عوائد المقاصد السياحية عندنا، وهو عائد مُستحق لأن السائح يجد فيها حين يقصدها، ما لا يجده فى مدينة سواها فى المنطقة حولنا!
ولابد أن منع مثل هذا العائد من الوصول هو فى الحقيقة تجفيف رافد أساسى من روافد اقتصاد البلد بشكل عام، لأن هذا الاقتصاد عاش لسنين طويلة على مصادر أربعة للعملة الصعبة فيه، كانت السياحة كصناعة تمثل مصدراً منها!
الأمر متعلق، إذنْ، بخنق اقتصاد، أكثر منه تعلقاً بوقف حركة السياحة عن مدينة لسبب طارئ، لم يكن للمدينة ذنب فيه!
استمرار الحظر لما يقرب من العامين، والتسويف الواضح فى رفعه، وهو ما لم يحدث مع مدينة كشرم من قبل، دليل لا تخطئه العين البصيرة، على أننا أمام حظر اقتصادى، لا مجرد حظر سياحى بمفهومه الذى نعرفه!
وهذه هى اللهجة الواضحة التى على القاهرة أن تتكلم بها، إذا ما توجهت بالكلام إلى لندن أو إلى موسكو فى هذا الملف.. علينا أن نقول لهما: إنكما تفعلان هذا مع دولة حليفة، وصديقة، وليس مع مجرد مدينة.. فماذا تفعلان مع الدول الخصوم والأعداء؟!
المصدر :صحيفة المصري اليوم