توقيت القاهرة المحلي 11:18:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اللعب على محيط الدائرة في الإقليم

  مصر اليوم -

اللعب على محيط الدائرة في الإقليم

بقلم: سليمان جودة

هات خريطةً للعالم ثم حاول أن تمدَّ عليها خطّاً يصل بين حدود الأردن مع سوريا، وساحل المحيط الهندي في جنوب الهند، ومضيق باب المندب عند مدخل البحر الأحمر من الجنوب، ومضيق جبل طارق الذي يربط البحر المتوسط بالمحيط الأطلنطي.

ستلاحظ أن هذا الخط بين المواقع الأربعة على الخريطة يشبه الدائرة، وأن قطاع غزة، حيث تدور الحرب الإسرائيلية الوحشية، هو مركز هذه الدائرة. ولكنّ هذا كله مجرد مبتدأ في الجملة المفيدة كما نعرف من أهل اللغة، أما خبر المبتدأ فيها فهو القاسم المشترك الأعظم بين المواقع الأربعة في أماكنها على خريطة الدنيا، وهو خبر سوف يتبيَّن لنا أمره من خلال هذه السطور.

وأما الحدود الأردنية - السورية فكانت مسرحاً، في مرحلة ما بعد الحرب على غزة، لعمليات تهريب مخدرات هي الأولى من نوعها، رغم أنها ليست المرة الأولى التي تكون الحدود بين البلدين ميداناً لتهريب المخدرات من الجنوب السوري إلى الشمال الأردني.

من قبل كان التهريب يجري تسللاً، وكان الأردن يقف له بالمرصاد، وكان يضبطه في كل مرة أو في الغالبية من المرات، ولكنه هذه المرة الأخيرة جاء سافراً، وكاشفاً عن وجهه كما لم يحدث سابقاً، وجاء يشتبك مع قوات حرس الحدود الأردنية، وكان الهدف أن يتم التهريب بالقوة لا بالتسلل، على غير طبيعة العمليات من هذه النوعية، وعلى غير ما عاش الناس يسمعون عن الطُّرق التي تتم بها هذه العمليات!

ولكن لأن الأردن يراقب الحدود جيداً، فإنه كان جاهزاً بقواته ومُعداته وسلاحه، وكان أن أعاد المهربين إلى حيث جاءوا، ثم كان أن أسقط منهم ما استطاع، وفي الأحوال كلها كنا أمام ميليشيات تقوم بالتهريب لا مجرد عصابات تقليدية.

ولم تشأ الحكومة في الأردن أن تُخفي ما اكتشفته وهي تتعامل مع الوضع برمّته، وكان أهم ما اكتشفته أن الأصابع الإيرانية موجودة في العملية، وأن البصمة الإيرانية مطبوعة على وجوه الذين شاركوا فيها، وقد أعلنت الحكومة في عمان هذا صراحةً، ولم تحب أن تداري عليه أو تؤجله، ربما لأنها أرادت أن تضع حكومة المرشد في طهران أمام مسؤوليتها، وربما لأنها أرادت من حكومة المرشد أن تهمس إلى ميليشياتها الموجودة في منطقة الجنوب السوري، أن تبتعد عن حدود الأردن وألا تفكر مرة ثانيةً في عبورها.

وفي ساحل المحيط الهندي القريب من الهند تعرضت سفينة تجارية مرتبطة بإسرائيل للاعتداء من طائرة مُسيرة، وقالت التفاصيل إن الطائرة لها علاقة بإيران، وإن إيران هي التي أطلقتها، وإن ذلك متسق مع ما تقوله إيران عن استهدافها كلَّ شأن إسرائيلي إلى أن تتوقف الحرب على غزة.

وفي مدخل البحر الأحمر الجنوبي اعتدت الجماعة الحوثية على أكثر من سفينة حاويات كانت في طريقها إلى قناة السويس في شمال البحر، وقد تكرر الاعتداء أكثر من مرة، ولم يكن العالم في حاجة هذه المرة إلى البحث عمّن يحرك جماعة الحوثي لتعتدي على سفن الحاويات ثم تكرر اعتداءاتها، فالجماعة تعلن ارتباطها بإيران ولا تخفيه، وتصرّح بهذا الارتباط على مسمع من العالم.

ومن النقطة الثالثة على الخريطة إلى النقطة الرابعة هناك عند مضيق جبل طارق، كنّا في هذه المرة على موعد مع محمد رضا نقدي، المنسق العام لقوات الحرس الثوري الإيراني، الذي قال إن بلاده يمكنها إغلاق البحر المتوسط عن طريق إغلاق المضيق.

ولم يحدد نقدي الطريقة التي ستغلق بها بلاده المتوسط، ولا حتى الكيفية التي ستصل بها إلى هناك، إذ لا شواطئ لإيران على هذا البحر، ولا هي موجودة هناك بقوات لها على المضيق، ولا حتى الدول المُطلة عليه من بين الدول التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع إيران!

فإذا عاد القلم الذي يمد خطاً دائرياً على الخريطة، إلى الموقع الأول عند حدود سوريا مع الأردن، اكتملت الدائرة تقريباً وانغلقت، وأصبح في مقدروك أن ترى الصورة بشكل أوضح، وبملامح لم تكن بارزة عند الوهلة الأولى.

هذا عن محيط الدائرة، أما مركزها فعنده تدور رحى الحرب، وعنده تمتلك إيران ذراعاً اسمها «حزب الله»، الذي يرابط على مرمى حجر من ميدان المعركة، ومع ذلك فهو كامن في مواقعه، ساكت في أماكنه، اللهم إلا من طلقة هنا وأخرى هناك، وعلى طريقة أنه موجود، وأنه قادر، وأنه يستطيع أن يخوض في الغمار.

فلماذا لا يخوض؟ وماذا يمنعه وهو يرى شهداء الحرب قد جاوزوا العشرين ألفاً؟ وما الذي يقيده ويربطه في مكانه؟

هذا كلها أسئلة لا إجابات عنها، وإذا شئنا الدقة قلنا إن لها إجابات، وإن إجاباتها تتلخص في أن حكومة المرشد تلعب عند الأطراف في المواقع الأربعة على محيط الدائرة، وتمتنع عن اللعب عند مركزها، وهي تفعل ذلك لحكمة سياسية تعلمها ويعلمها كل متابع للسلوك الإيراني في الإقليم.

الحكمة السياسية الإيرانية من وراء ما تمارسه في المنطقة على هذا النحو، أن اللعب على محيط الدائرة لا يكاد يكلف صانع القرار الإيراني شيئاً، ويعظِّم في المقابل من موقفه التفاوضي مع الأميركيين والغرب عند الحاجة، ولكن اللعب عند مركز الدائرة، حيث موقع الحرب، يكلّفه بالتأكيد، ويُفيد الغزاويين في مقاومتهم للعدوان الإسرائيلي، وهذا شيء ليس في حساب السياسة التي تتّبعها حكومة المرشد، وهي تتحرك من موقع إلى موقع على خريطة الإقليم، لا لشيء، إلا لأنها تفتش عن المغنم وتتفادى المغرم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللعب على محيط الدائرة في الإقليم اللعب على محيط الدائرة في الإقليم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon