بقلم : سليمان جودة
تجربتى مع ملف الصناعة الذى تناولته فى هذا المكان مرات، تقول إنه أكبر من أن يُترك لوزارة الصناعة وحدها، رغم مسؤوليتها المباشرة عنه من الألف إلى الياء! التجربة تقول إن جزءًا لا بأس به من هذا الملف، الذى لا تخفى ضرورته على أحد، إنما يقع فى نطاق وزارة المالية التى تتولى جانبًا من جوانبه.. أما الدليل على ذلك، فهو أن المالية بادرت بطرح مبادرة لسداد دعم الصادرات، بعد أن حظى دعمها باهتمام رئاسى ظاهر!
والتجربة تقول أيضًا إن جزءاً آخر من الملف ذاته، إنما يستقر على مكتب المحافظ طارق عامر، الذى طرح من موقعه مبادرات عدة للوقوف إلى جوار قطاع الصناعة فى مجمله.. ولكن ما أسمعه من أصحاب تجارب حية على الأرض فى مصانعهم يقول إن القضية على مستوى البنوك، التى من المفترض أن تكون ممولاً للمصانع فى شتى أعمالها، ليست بالوضوح نفسه لدى المحافظ عامر!
والتجربة تقول كذلك إن جانبًا أكبر من بين جوانب الملف، يبقى فى وزارة الصناعة ذاتها، بحكم اسمها أولًا، وبحكم تبعية جهاز دعم الصادرات لها ثانيًا، وبحكم أن جهاز تحديث الصناعة هو إحدى أجهزتها ثالثًا، وبحكم أنها صاحبة الاختصاص الأول فى الموضوع رابعًا، وبحكم أن وجودها فى الأصل هو من أجل أن تقوم فى البلد صناعة حقيقية خامسًا!
وربما تكون هناك جهات أخرى ذات صلة مباشرة بهذا الملف، الذى لما نهضت به دول ثمانى فى العالم كما يجب، صارت معروفة بأنها الدول الصناعية الثمانى التى لا تنعقد قمتها السنوية فى أى عاصمة، إلا وتستحوذ على اهتمام أهل الأرض!
ولكن التواصل بين الجهات الثلاث المشار إليها.. المالية والمركزى والصناعة.. يبدو أنه دون المأمول، وأنه فى حاجة إلى دفعة أقوى تنقله من مربع إلى مربع، وتبدو المستويات الثلاثة فى حاجة إلى مستوى أعلى يجمعها على مائدة واحدة، وينسق بينها ويوجه، ويتابع ما تقدمه للقضية باستمرار!
الضرورة التى تمثلها قضية الصناعة لمستقبل بلدنا تستحق أن تتشكل لجنة لها من الجهات الثلاث، وأن يكون رئيس الحكومة على رأسها، وأن يدعوها إلى مائدته كل فترة ليرى ماذا قدمت فى موضوعها، وماذا لم تقدم، وماذا عليها أن تظل تقدم فى نفس الموضوع!.