بقلم: سليمان جودة
قيل من قبل ولا يزال يقال إن أى دولة تستطيع أن تذهب إلى الحرب، لكنها لا تستطيع أن تحدد لحظة العودة منها، وما صدر فى ٢٤ من هذا الشهر على المستويين الروسى والتركى يشير إلى أن ذلك صحيح!.. وقد كان هذا اليوم يوافق مرور شهر كامل على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا!.
فى موسكو قال سيرجى رودسكوى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الروسية، إن خسائر قواته فى الشهر الأول من الحرب التى بدأت فى ٢٤ فبراير، وصلت إلى ١٣٥١ قتيلا، و٨٣٢٥ مصابا!.. وفى مساء اليوم نفسه الذى ذكر فيه رئيس الأركان الروسى هذه الأرقام، كان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان قادما من اجتماع قادة حلف شمال الأطلنطى فى العاصمة البلجيكية بروكسل، فقال إن على الغرب إتاحة نوع من الخروج المشرف للرئيس الروسى من الحرب الأوكرانية!.
ولا تعرف ما إذا كان مثل هذا التصريح من بين بنات أفكار أردوغان، أم أنه يطلقه بإيحاء من جهات روسية؟!.. لكن ما تعرفه أن هذه الحرب إذا كانت فى حاجة إلى شىء فى هذه اللحظة، فهذا الشىء هو ما يقترحه الرئيس التركى ويطرحه على الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهما فى الحرب!.
فالولايات المتحدة مارست حصارا مع حلفائها على روسيا لم يسبق له مثيل بين طرفين دوليين، وقد امتد الحصار إلى كل شىء تقريبا، ووصل الحظر إلى كل مستوى أيضا، ولا يتبقى سوى أن تحظر واشنطن على موسكو الشمس والهواء!.
وفى المقابل يتبين لنا من الأرقام المذكورة رسميا على لسان رئيس الأركان الروسى أن خسائر قواته كبيرة جدا، إذا ما قارنا بين الجيش الروسى وبين الجيش الأوكرانى، فلا وجه للمقارنة بينهما على مستوى أى عنصر من عناصر القوة.. ومع ذلك.. فخسائر القوات الروسية على مستوى الأفراد وحده تكاد تصل إلى ٥٠ قتيلا فى كل يوم!.. وهذا يدل على أن الواقع فى ميدان القتال فاجأ الرئيس الروسى بما لم يكن يتحسب له أو يتوقعه!.
لاحظ أننا نتكلم بالأرقام المعلنة على لسانه هو، ومن الوارد جدا أن يكون قد راعى فيها شيئا من التخفيف حفاظا على روح قواته المعنوية، وأن تكون الأرقام الحقيقية أكبر!.
إن موسكو تبدو محشورة فى زاوية لا تعرف كيف تخرج منها، وهى أحوج ما تكون فى خروجها إلى شىء من حفظ ماء الوجه.. وما يقوله أردوغان يدرك هذا ويضمنه!.