بقلم سليمان جودة
سمعت محامى نقيب الصحفيين يقول إن الجريمة التى صدر على أساسها الحكم ضد النقيب، وضد اثنين من أعضاء مجلس النقابة، ليست مكتملة الأركان، وإن ذلك مسجل فى أوراقها بوضوح.
وهذا كلام له أكثر من معنى، غير أن معناه الأهم هو أن تدارك ما حدث وارد جداً فى مرحلة الاستئناف على الحكم، وأن القاضى فى مرحلة التقاضى التالية سوف ينظر فيما يقوله محامى النقيب، ليعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.
هذه واحدة.. والثانية أن الحكم مصحوب بكفالة توقف تنفيذه فى حق الزملاء الثلاثة، ومع ذلك، فإن صداه خارج البلد كان فى غير صالح مصر بالمرة، ولا أهلها، كما أن الذين يريدون إهالة التراب على كل شىء فى هذا الوطن قد وجدوا فى الحكم مرمى جاهزاً ليسجلوا فينا هدفاً نظيفاً!
وقد كنا فى غنى عن ذلك كله، ولم نكن فى حاجة أبداً إلى أن نسجل فى تاريخنا أن عام 2016 قد شهد حبساً لنقيب الصحفيين، واثنين من أعضاء مجلس النقابة، على نحو لم يحدث من قبل أبداً، منذ نشأت النقابة بيتاً للحريات عام 1941!
وقد وصل الخلط خارج البلد، وداخله أحياناً إلى حد تصوير الأمر للرأى العام على أن الحكم صدر بقرار من الحكومة، بل ومن الرئيس ذاته، ولم يصدر على يد قاضٍ يحكم فى الغالب، بل فى كل الأحوال، بما أمامه من أوراق!
التضامن مع النقابة فى هذا الموقف الدقيق واجب طبعاً، ولكن هذا لا يجب أن ينسينا، كنقابة، ثم كأعضاء فيها، أن عدداً لا بأس به من المتباكين بعد صدور الحكم لا يفعلون ذلك حباً فى النقابة، ولا حرصاً على الحريات داخلها، بقدر ما يتحركون لأهداف أخرى تخص كل واحد فيهم على حدة!
وهذه ليست المرة الأولى.. ففى وقت بدء الأزمة، بين الحكومة وبين النقابة، حدث هذا أيضاً، ورأينا وقتها بأعيننا كيف أن كثيرين اندفعوا فى غمار الأزمة لتصفية حسابات قديمة مع الرئيس شخصياً، وكانت النقابة هى المنصة الجاهزة لتصفية حسابات من هذا النوع، وعلى هذا المستوى!
كنت فى ذلك الوقت أقرأ عن أن فلاناً يرفض اقتحام الداخلية للنقابة، ويندد ويشجب بأعلى صوته، فكنت بينى وبين نفسى أتساءل: منذ متى كان هذا الرجل مهتماً بأمر نقابتنا هكذا، ومنذ متى كانت الحريات فى داخل النقابة، أو خارجها، تهمه، أو تشغله إلى هذا الحد؟!
ومع ذلك، فليس خافياً على أحد أن رمزية الحكم جاءت لتطفئ شعاعاً من الأمل كان قد بدأ يتسرب إلى الناس، بعد قرار العفو الرئاسى عن 82 محبوساً، أغلبهم من الشباب ومن الطلاب!
جاءت رمزية الحكم هكذا بالضبط، وكأن هناك من يستكثر على هذا البلد أن يبتهج ولو ليوم واحد فى هذه الظروف البائسة!