بقلم : سليمان جودة
فى الحوار الذى جرى داخل مجلس النواب بين الدكتور على عبدالعال، رئيس المجلس، وهشام توفيق، وزير قطاع الأعمال، رأيت الدكتور عبدالعال يطبق إحدى وظيفتى البرلمان كما يقول الكتاب!.فالوزير توفيق يرغب فى تطوير الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، والتطوير يحتاج إلى مال، والوزارة لا تملك المال الذى يحتاجه التطوير!.
المبلغ المطلوب ٢١ مليار جنيه، وهو مبلغ يعنى أن تكتب رقم ٢١ وأمامه تسعة أصفار!.. ولكن.. إذا كان الهدف هو إعادة القطن المصرى إلى عرشه القديم، فهو هدف يستحق أن ننفق عليه الكثير، وإذا كان الهدف أن نتوقف عن تصدير القطن خامًا، فهو أيضًا هدف يستحق هذا القدر الهائل من الإنفاق العام، حتى ولو كان إنفاقًا من مستوى الأصفار التسعة!.
وقد ذهب الوزير يطلب موافقة البرلمان على قرض قيمته ٤٥٠ مليون يورو، فوافق على أساس أن القرض يساوى تسعة مليارات ونصف المليار جنيه، وأن باقى المبلغ الإجمالى سوف يأتى من حصيلة بيع أصول!.
الأصول عبارة عن مساحات من الأراضى غير المستغلة التى تتبع الشركة، وما كاد الدكتور عبدالعال يسمع عن هذه المساحات حتى سأل الوزير عن حجمها وعن موقعها بالضبط، ثم قال إن التصرف فى أى مساحة منها لابد أن يتم تحت رقابة المجلس الكاملة!
والدرس هو الاستفادة من تجربة الخصخصة فيما مضى، والدرس هو ألا تتكرر أخطاء التجربة، وأن يكون الجميع على يقين من أن كل قرش فى قطاع الأعمال هو مال عام، ولأنه كذلك فهو مال الناس فى الشارع، ولا بديل عن إنفاق كل جنيه منه فى مكانه!.
وحين شدد الدكتور عبدالعال على حرمة المال العام، فإنه كان فى الحقيقة يعيد تذكير نفسه وتذكيرنا بأن للبرلمان وظيفتين، إحداهما الرقابة على أعمال الحكومة، وكان الرجل يفعل ذلك على سبيل طمأنة النائب هيثم الحريرى، الذى مارس حقه المشروع تحت القبة، عندما تداخل فى نقاش ملف الشركة!.
إننى أتصور رغبة الوزير توفيق فى إصلاح شركات القطاع الذى يضم أصولًا هائلة، وأعرف أن خلفية الوزير التى جاء منها تؤهله لما يرغب فيه، ولكنى فى المقابل أتمنى لو كان هو آخر وزير قطاع أعمال، وأن يتمكن من إقناع صانع القرار بأن ضخ المزيد من الفلوس فى شركات القطاع العام، ومعها شركات قطاع الأعمال، هو من قبيل إلقاء مال فى بئر بلا قاع، وأن الحل ليس طبعًا أن نبدد أصول هذه الشركات ولا أن نغلقها، وإنما ندعو المصريين إلى التملك فيها، على غرار ما فعلت مارجريت تاتشر فى بريطانيا!.
عندها.. سيكون المُلّاك الجُدد هُم أعضاء الجمعية العمومية فى كل شركة، وهُم الذين سيذهبون بالمدير الفاشل، ويأتون بالمدير الناجح!.