بقلم : سليمان جودة
حدث فى اليمن قبل أيام ما لا يكاد يصدقه عقل، لولا أنه كان مذاعاً بالصوت الحى، ومنشوراً بالصورة التى هى بطبيعتها لا تكذب!
وما حدث أن الطرفين المتقاتلين على أرض اليمن السعيد، قد عقدا اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة لتبادل الأسرى.. نعم جرى هذا علناً.. والاتفاق لم يكن للتعاون على أرض الوطن الواحد، ولا لوقف القتال الذى يدور بينهما من ست سنوات، وإنما لتبادل ألف أسير!!
وكانت جماعة الحوثى قد انقلبت على الحكومة الشرعية فى صنعاء ٢٠١٤، ودارت بينهما المعارك على مدى السنوات الست.. وقد كان كل طرف منهما يأسر كل يمنى يستطيع أن يأسره، حتى بلغ عدد الأسرى عدة آلاف، ولم يكن الألف أسير سوى دُفعة أولى سوف تتبعها دفعات!.. وهكذا وجدنا أنفسنا أمام مشهد غاية فى العبث.. فاليمنيون يأسرون بعضهم البعض ثم يجلسون برعاية طرف أجنبى لتبادل الأسرى!
وعندما أرسل الأستاذ محمود الطنب رسالة يلفت فيها انتباهى إلى هذا المشهد العبثى، ويقول إنه كمواطن عربى يشعر بالخزى والعار مما رآه، لم يكن يعرف أن المشهد ذاته تكرر فى ليبيا على حدودنا فى الغرب.. فالطرفان الليبيان المتقاتلان جلسا معاً قبل أيام، وكان البند الأول فى اللقاء هو تبادل المحتجزين الليبيين الذين احتجزهم كل طرف لديه!!
ولذلك.. كان من الطبيعى أن تذيع وكالات الأنباء فى أخبارها، أن الليبيين عادوا يستخدمون الحطب فى الطهى وفى الإضاءة!.. وما لم تذكره الوكالات أن ليبيا التى عاد مواطنوها إلى استخدام الحطب فى القرن الحادى والعشرين، بلد نفطى يملك ٢٠٠٠ كيلو من الشواطئ على البحر المتوسط!!
وفى ذات الوقت كانت المستشارة الألمانية تحتفل فى برلين بالذكرى الثلاثين للوحدة بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وكانت تقول إن الألمان الشرقيين كانوا شجعاناً عندما خرجوا يطلبون الوحدة، وأن الألمان الغربيين كانوا على الدرجة نفسها من الشجاعة عندما تحمسوا للفكرة، وأن الفوارق التى لاتزال قائمة بين الألمانيتين لا يجب أبداً أن تكون موجودة!
ولا أجد تفسيراً للمشهدين هنا فى اليمن وليبيا ثم هناك فى ألمانيا، سوى القاعدة الفقهية التى تقول إن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة.. ولا ينصر الدولة الظالمة ولو وكانت مسلمة!