بقلم سليمان جودة
بعد غد سوف تجرى انتخابات البرلمان فى الكويت، وبعدها سوف تتشكل حكومة جديدة هناك، وقد يتلقى رئيس الحكومة الحالى تكليفاً من الأمير برئاسة الحكومة مرة أخرى، ليبقى فيها بعض أعضائها، ويخرج آخرون!.
غير أن ما يخصنا فى الموضوع، وما يجب أن نتوقف أمامه فعلاً أن عدد أعضاء الحكومة الكويتية 15 وزيراً، وأنهم لا يزيدون على هذا العدد فى كل تشكيل وزارى جديد!
والقصة لا علاقة لها طبعاً بعدد السكان، لأنى أخشى أن يتبادر إلى زهن قارئ هذه السطور أن عدد سكان الكويت أقل من عدد السكان عندنا، وأن الوزراء عندهم بالتالى أقل!
لا.. ليست هكذا بالطبع، ولكن القصة لها علاقة مباشرة بإدراك القائم على الأمر فى البلد.. أى بلد.. أن عدد الوزراء كلما ارتفع أدى إلى تعطيل الأداء فى الدولة بوجه عام، وإلى إرباكه، وأكاد أقول إلى تعطيله، لا لشىء إلا لأن وجود وزير على رأس أى وزارة معناه المباشر وجود وزارة من ورائه، ومعنى وجود وزارة من ورائه، أن يجلس الوزير على رأس جهاز بيروقراطى ضخم، له أول وليس له فى الغالب آخر!
وفى صيف هذا العام، كانت إحدى دول شمال أوروبا قد شكلت حكومتها من 14 وزيراً، وفى الوقت ذاته، كانت إحدى الدول الأفريقية قد شكلت حكومة من 74 وزيراً، وكان هذا فى تقديرى تفسيراً كافياً لأن تكون الدولة الأولى فى شمال أوروبا، حيث رفاهية الناس، ولأن تكون الثانية فى أفريقيا، حيث بؤس كل مواطن!.
وقد ساد ظن لدينا، فى أوقات كثيرة، بأن إنشاء وزارة للقضايا والملفات الكبرى كفيل بالإسراع بمعدل الأداء فيها، وهو ظن لابد أن نراجع أنفسنا فيه بجد لأن التجربة تقول إن العكس هو الصحيح على طول الخط، وإن قيام هيئة محددة الطبيعة والأهداف يظل هو لا الوزارة الذى يكفل أن يكون معدل الأداء أفضل بكثير!.
وليس فى العالم من حولنا دولة تجعل وزارة للتعليم العالى، وأخرى للتعليم غير العالى، وثالثة للبحث العلمى، ورابعة للتعليم الفنى، كما حدث فى الحكومة السابقة.. وأن هذا لا اسم له فى الدولة التى تريد أن تنهض إلا أنه عبث حقيقى، وإهدار للمال العام، وإضاعة للوقت وللطاقة والجهد معاً!
وهكذا الحال مع الرى ومع الزراعة، أو مع النقل ومع الاتصالات أو.. أو... إلى آخر الاختراعات التى نخترعها مع كل تشكيل حكومى يجىء وكأن عندنا فائضا من المال لا نعرف أين ننفقه، فنقرر أن ننشئ له وزارة لننفقه فيها وعليها!.
نصف عدد وزرائنا يكفى ويزيد، واختصار الحكومة للنصف تماماً واجب وطنى إذا كنا نريد حقاً أن ننجز خطوة واحدة للأمام، وإذا كنا نريد أن نتعلم من تجارب العالم من حولنا!.