بقلم : سليمان جودة
إذا كان لابد من تعديل وزارى فى الأيام المقبلة، فليكن على الطريقة المغربية بالذات، فهى طريقة جاءت بحكومة جديدة قبل خمسة أيام من ٢٤ وزيراً، بدلاً من ٣٩ كانوا أعضاء فى الحكومة القديمة!
ولم تكن هذه هى المفاجأة الوحيدة فى الحكومة المصرية التى يرأسها سعد الدين العثمانى، وإنما كانت هناك مفاجأة أخرى أكبر هى إلغاء وزارة الإعلام!
ولابد أن وراء إلغائها فكرة تقول إن هذه وزارة لم يعد لها محل من الإعراب فى أى دولة متطورة، لأن القضية فى الإعلام ليست فى وجود وزارة بهذا المسمى، لكن القضية هى إتاحة المساحة الأكبر من الحرية أمام الإعلام، ليكون قادراً على مناقشة مختلف القضايا بمسؤولية وعلى أرضية وطنية!
والذين ينادون بوزارة للإعلام عندنا لا ينتبهون إلى أن المشكلة لم تكن أبداً فى غياب وزارة للإعلام، لأن المشكلة لو كانت فى غيابها لكان الأمر هيناً للغاية.. القضية هى أن يكون الإعلام حراً، وأن يمارس مهمته بموضوعية لا تعرف التهويل من مشكلات البلد، ولا التهوين من حجمها.. وعندئذ، سيتعامل الحكم مع المشكلات عارفاً بحجمها الطبيعى!
فالدعوة إلى إعادة وزارة الإعلام هى فى الحقيقة هروب من مواجهة أصل المسألة.. وهذا الأصل هو حرية الإعلام.. ولا أصل آخر!.. والذين يتابعون صحافة المغرب، خصوصاً الصحف اليومية الأربع الكبرى، يعرفون تماماً أنها تتمتع بحرية كبيرة، وأن الحكومة هناك تتلقى حسابها مرتين: مرة فى الصحافة، ومرة فى البرلمان.. مع احترام واجب للملك وللمؤسسة الملكية!
والعثمانى ينتمى إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامى، الذى يحكم متحالفاً مع أربعة أحزاب، وينفى أى علاقة تنظيمية بالإخوان، وكان عبدالإله بن كيران، رئيس الحكومة السابقة عن الحزب نفسه، يقول فى كل مناسبة إن الحزب لم يصل إلى الحكم، ليفرض رؤيته للإسلام على أحد، ولكن ليقدم حلولاً لمشاكل المواطنين!
وعندما خطب الملك محمد السادس فى العيد الوطنى، آخر يوليو الماضى، قال صراحةً- ما معناه- إن الفلسفة الحاكمة لعمل الحكومة من أجل التنمية، قد ثبت من تجربة السنوات الماضية أنها ليست الفلسفة الواجب اتباعها، وأنها فى حاجة ليس فقط إلى مراجعة، لكن إلى تغيير.. ومما قاله أيضاً إن فلسفة الحكومة، التى لا يصل عائدها بشكل مباشر إلى حياة آحاد الناس، لا تصلح، ولا تنفع فى شىء، ولا يجوز العمل بها.. هكذا تحدث، وعلى هذا الأساس تشكلت الحكومة الجديدة.. وعلى الأساس نفسه نستطيع أن نستفيد من التجربة.. إذا شئنا!