بقلم : سليمان جودة
الخبر الذى نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم» قبل أربعة أيام أثار الدنيا ولايزال، لا لشىء، إلا لأنه يخلو من اللياقة السياسية أكثر مما يخلو من أى شىء سواها! وكانت الصحيفة قد نشرت على لسان ديفيد فريدمان، سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، أن بلاده تفكر فى تعيين القيادى محمد دحلان زعيماً للفلسطينيين بدلاً من محمود عباس!
وما كادت الصحيفة ترى النور حتى كانت الدنيا قد قامت فلسطينياً ولاتزال قائمة، وحتى كان دحلان نفسه قد أبدى سخطه مما جاء فى الصحيفة، فقال: إذا كان ما نُسب للسفير الأمريكى صحيحاً، فذلك لا يزيد على كونه تكتيكاً مخادعاً هدفه إرهاب البعض وزعزعة الجبهة الداخلية.. ثم قال أيضاً: من لا ينتخبه شعبه لن يستطيع القيادة وتحقيق الاستقلال الوطنى!.. وقال: أنا محمد دحلان، كلى إيمان بأن فلسطين بحاجة ماسة إلى تجديد شرعية المؤسسات والقيادات الفلسطينية كافة، وذلك لن يتحقق إلا عبر انتخابات وطنية شاملة وشفافة، ولم يولد بعد من يستطيع فرض إرادته علينا!
ولم يكن منسوب السخط من الخبر على مستوى السلطة الفلسطينية والرئيس عباس فى الضفة، أقل منه لدى القيادى دحلان!
وكان لافتاً أن تنشر الصحيفة خبراً بهذا المعنى المستفز إلى أبعد الحدود، على لسان سفير معروف بالقرب من إدارة الرئيس دونالد ترامب، ومعروف بموقفه المتطرف للغاية ضد الفلسطينيين. وقد بلغ فى تطرفه إلى حد أنه لما أرسلته إدارته سفيراً، قال إنه لن ينتظر قرارها نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، وإنه سوف ينتقل إلى المدينة للإقامة حيث يملك بيتاً فيها!
صحيح أن الصحيفة قد عادت لتنفى الخبر، وصحيح أنها قد أعادت نشر الجملة نفسها على لسان فريدمان، ولكن بصيغة النفى!.. غير أن هذا لا ينفى أن نشره بالصيغة الأولى كان مقصوداً فيما يبدو، وكان القصد إحراج دحلان بقدر ما كان فى الوقت نفسه محاولة لدفع عباس إلى اللحاق بمائدة المفاوضات بعد توقيع اتفاق السلام بين الإمارات والبحرين وبين إسرائيل!
أما دحلان فلا أظن أن إحراجاً قد أصابه من أى نوع، والدليل هو هذه العبارات القوية التى سارع بحفرها على صفحته على فيسبوك، ونقلتها عنه الصحافة فى كل مكان.. وأما عباس فأظن أيضاً أنه لا يمانع فى اللحاق بمائدة التفاوض من حيث المبدأ، بشرط أن يجلس ليحصل على شىء بالفعل، متمثلاً فى دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، لا ليخرج بلا شىء فى يده كما حدث منذ بدء طريق القضية!