بقلم : سليمان جودة
هذه ثورة على الفوضى فى شوارعنا، وثورة على العشوائية فى كل بناء يرتفع فى سماء البلد، وثورة فى اتجاه أن تظهر بلادنا أمامنا وأمام غيرنا بالصورة التى تليق بنا!.
أقصد بالثورة ما تابعناه عن اجتماع دعا إليه السيد الرئيس قبل ساعات، لوضع معايير واضحة تلتزم بها التصميمات الهندسية، واعتماد ارتفاعات محددة يقوم على أساسها كل مبنى!.. فهذه ارتفاعات ومعايير طال انتظارها، ولم يعد لدينا وقت ننفقه بعد أن عشنا زمناً نفتقد التصميمات التى تراعى الذوق العام، ونفتقد الارتفاعات التى تراعى أن الذين يقيمون فى المبانى آدميون لهم حقوق لا بديل عن أن تكون مرعيّة!.
وأقصد بالثورة أيضاً أن مواعيد جديدة للعمل سوف يجرى العمل بها منذ اليوم أول ديسمبر، وأن المولات والمحال التجارية ستكون ملزمة بإغلاق أبوابها فى العاشرة مساءً، والكافيهات والمطاعم والبازارات فى الثانية عشرة، والورش والأعمال الحرفية داخل الكتل السكنية فى السادسة!.
الثورة فى حالتها الأولى الخاصة بالمبانى وتصميماتها الهندسية، سوف تعيد النظام إلى واجهات العمارات والبيوت، وسوف تقضى على القبح الذى لا تلتفت أنت فى أى ناحية إلا وتجده أمامك يحاصرك، وسوف تضع حداً لهذه العشوائية التى تتجلى فى شتى الواجهات!.
والثورة فى حالتها الثانية سوف تتكفل بإعادة شىء من الهدوء إلى شوارع البلد.. شىء من السكينة فى بلد المفروض أن أبناءه على موعد مع العمل فى اليوم التالى، فلا يقضون الليل على النواصى، وفى المقاهى، وعلى أرصفة الكافيتريات حتى الصباح!.
هل يحدث فى أى بلد حولنا أن يجرى هدم الڤيلات فى أحياء العاصمة، وتحويلها إلى أبراج متفاوتة الارتفاعات، دون ضابط، ودون رابط.. وفى الأصل دون ضمير؟!.. وبالطبع فالخطأ ليس خطأ الذين مارسوا ذلك فى العلن، ولكن الخطأ هو خطأ كل جهة مسؤولة تغافلت عن هذا العبث، ولم تذهب بالذين مارسوه إلى العدالة!.
صحيح أن هذا ميراث سنوات طويلة من الإهمال الحكومى، ولكن الأصح أنه ميراث ظهر على أبشع ما يكون بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، ولذلك، فما دعا إليه الرئيس، وما أعلنه اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، عن المواعيد الجديدة، وعن حزم المحافظين فى تطبيقها، هو نوع من الثورة على ميراث زاحف من الإهمال، لا بد من التخلص منه بأى طريقة!.. لابد.. لأن ثمن استمراره هو المزيد من الإفساد لذوق الناس الذين هم جنود الدولة فى أى معركة!.