بقلم : سليمان جودة
بيان مجلس الأمن القومى الذي انعقد برئاسة الرئيس السيسى أمس الأول، أعاد لفت انتباه الحكومة في إثيوبيا إلى أشياء لا يجب أن تنساها في غمرة انشغالها بالاندفاع نحو ملء سد النهضة!.
الشىء الأول أنها طرف في اتفاق المبادئ الذي جرى توقيعه في الخرطوم مارس ٢٠١٥، وأن وجودها طرفًا فيه ليس وجودًا مجانيًا، ولكنه وجود يفرض عليها التزامات لا بديل عن الوفاء بها.. والالتزام الأول هو الاستخدام العادل والمتساوى لمياه النيل.!
والشىء الثانى أن السلطات الإثيوبية إذا كانت تحاول التحلل من التزاماتها التي وقّعت عليها.. فهذا شأنها.. غير أن عليها أن تكون مستعدة لتحمل عواقب هذا التحلل من جانبها.. إنها التزامات يضمنها القانون الدولى الذي ينظم الاستفادة من مياه الأنهار، وليست التزامات إنشائية أو شفهية، ولا هي مُعلقة في الهواء!.
الشىء الثالث أن العودة إلى المفاوضات التي ضمت مصر والسودان وإثيوبيا، والتى كانت قد بدأت في واشنطون نوفمبر الماضى، لن تكون عودة إلى التفاوض من أجل التفاوض في حد ذاته، وإنما ستكون عودة إلى مفاوضات لها إطار زمنى محكم تمضى خلاله، وتصل إلى نتيجة محددة في نهايته!.
الشىء الرابع أن القاهرة حين تعود للمفاوضات، فسوف تفعل ذلك لترى ما إذا كانت النوايا الحسنة متوفرة بالفعل لدى الجانب الإثيوبى، أم أنه سيتخذ من التفاوض مسارًا للمماطلة والتسويف من جديد، كما فعل مرارًا في مرات سابقة!.
وبعيدًا عن البيان.. فإن التفاوض حين يجرى استئنافه سيكون في ظنى مختلفًا، لأن السودان اتخذ موقفًا مغايرًا تمامًا عما كان في كل الجولات السابقة، وأصبحت لغة الخرطوم هي نفسها لغة القاهرة، وصارت أسماء عبدالله وزيرة الخارجية السودانية تؤكد في كل مناسبة، أن أي اجراء أحادى من جانب إثيوبيا في موضوع السد مرفوض كليًا.. وقد سجلت الوزيرة السودانية ذلك في رسالة رسمية إلى مجلس الأمن!.
وبعيدًا عن البيان أيضًا.. فإن الشواهد تقول إن إثيوبيا تمارس هذه الغطرسة في الملف بتشجيع وإغراء من طرف إقليمى هنا وطرف دولى هناك، وليس بقناعة مجردة من دماغها.. وبمعنى أوضح وأدق.. فإن الحكومة الإثيوبية لها كبير يحركها من خارج حدود بلادها، والمؤكد أن ذلك لا يغيب عن صانع القرار عندنا.. ولذلك، فربما يكون الحديث مع هذا الكبير أجدى من الحديث معها نفسها!.. فهى مجرد فرع يعلن وينفذ، وهو أصل يوجه طول الوقت ويشير!.. إننى أزداد اعتقادًا في هذا يومًا بعد يوم، والحاصل على الساحة أمامنا يؤكده!