بقلم : سليمان جودة
عاش الشاعر كامل الشناوى لا يعرف سر شباب الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذى كان شابًا فى كل مرحلة من مراحل حياته!.
كل ما كان يعرفه «الشناوى» عن «عبدالوهاب» أنه لما عرف فائدة المشى راح يمشى داخل شقته على النيل متنقلًا بين الغرف والشرفات المغلقة نوافذها صيفًا وشتاءً.. وأنه كان: لا يرى الشمس ولا يتعرض للهواء، فهو فى الصيف يستعمل جهاز التكييف، وفى الشتاء يستعمل المدفأة، ولا يتناول من الطعام إلا المسلوق، ويحافظ على مواعيد الأكل، وينام عشر ساعات يوميًا، ولا يشرب الخمر، ولا يدخن السجائر، ويرقد فى فراشه أيامًا إذا أحس أن درجة حرارته مُعرَّضة للارتفاع!.
هذا الوصف لجانب من حياة «عبدالوهاب» يذكره كامل الشناوى، فى كتاب صغير له صدر عن المكتب المصرى الحديث، وكان عنوانه: «عرفت عبدالوهاب»!.
وكانت المعرفة بينهما لها قصة!.. ففى يوم من أيام عام 1931 نشر «الشناوى» قصيدة فى جريدة «البلاغ» أعجبت أمير الشعراء أحمد شوقى، الذى لما زار مقر الجريدة سأل صاحبها، عبدالقادر حمزة، عما إذا كان يعرف صاحب القصيدة!.. وعندما عرف الشاعر أن أمير الشعراء يريد أن يراه ذهب يقابله فى مسرح الأزبكية، حيث كان «شوقى» يتردد باستمرار.. يصف كامل الشناوى أمير الشعراء فيقول: رجل قصير القامة، يعلو رأسه طربوش أحمر غامق، وحول رقبته كوفية، وقد انسدل على قوامه معطف طويل واسع، وعيناه تترجرجان كالزئبق!.
من أمام المسرح، أخذه «شوقى» ليتناول معه الغداء فى بيته، الشهير بـ«كرمة ابن هانئ»، على شاطئ النيل، وهو البيت الذى تحول فيما بعد إلى مكتبة مبارك العامة.. وفى الطريق إلى البيت مر الاثنان على المطرب الشاب «عبدالوهاب» ليأخذاه من حيث كان يقيم فى العباسية وقتها!.
رأى أمير الشعراء أن «الشناوى» شاعر موهوب، فتبناه، بمثل ما كان من قبل قد راح يتبنى «عبدالوهاب» ويقدمه إلى المجتمع على كل مستوياته، فكانت الموهبتان.. «الشناوى» و«عبدالوهاب».. صاروخين أطلقهما أمير الشعراء من فوق منصته الساحرة!.
رحل «شوقى» بعدها فى عام 1932، لتستمر صداقة الشاعر والموسيقار ربع القرن، وقد رسم الشاعر للموسيقار لوحة بالكلمات فى كتاب بديع قدمه الشقيق مأمون الشناوى!.