بقلم : سليمان جودة
فى سنواته الأخيرة عاش الشيخ صباح الأحمد، أمير الكويت الراحل، يسعى بالصلح بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين، وبين قطر.. وكان كلما فرغ من جولة دون حصيلة يرجوها، عاد يجرب جولة أخرى ويسعى من جديد، ولم يكن ييأس ولا كان يملّ، وقد مات، يرحمه الله، وفى نفسه شىء من صلح تمناه ولم يتم! وكان الرجل قد أمضى 40 سنة وزيرًا لخارجية بلاده، حتى صار عميدًا للدبلوماسية العربية فى أيامه، ولم يكن قد اكتسب هذا اللقب من فراغ، ولا لمجرد أنه قضى أعوامًا طويلة على رأس «الخارجية»، ولكن لأن نصيبه من الحكمة الفطرية لم يكن يقل عن حظه من العقل الراجح!
وعندما غزا العراق أرض الكويت، كان للشيخ «صباح» دور لا نزال نذكره فى حشد الرأى العام فى المنطقة وخارجها ضد الغزو، فكان لابد أن تعود الكويت لأهلها.. وقد عادت! وحين نعاه الرئيس السيسى وأعلنت القاهرة الحداد العام عليه لثلاثة أيام، فإن ذلك كان نوعًا من العرفان للرجل، الذى وقفت بلاده إلى جوارنا فى ظروف سياسية صعبة مرت بنا قبل سبع سنوات!.. حدث هذا فيما بعد ثورة 30 يونيو 2013، ولم تكن الوقفة وقتها غريبة عليه ولا على الكويت لأن سياقًا من العلاقات القوية والمستقرة كان يمتد ليجمع بين البلدين فى كل الظروف!
وفى 9 سبتمبر 2014، دعَت منظمة الأمم المتحدة إلى تكريمه فى نيويورك، باعتباره: قائدًا للعمل الإنسانى.. وقد كانت المنظمة تدعو إلى التكريم وهى تتابع خطواته عن بُعد فى منطقته وخارجها، وكانت تضع وسامًا على صدره وهى ترى أن يده تمتد بما تستطيعه إلى المأزومين فى سوريا واليمن وسواهما من البلاد التى عاشت أهوال ما يسمى «الربيع العربى»!
وقد جاء عليه وقت دعا إلى مؤتمر لإعمار العراق على أرض الكويت، رغم أن أرض الكويت هى نفسها الأرض التى غزاها العراق، فى الأول من أغسطس 1990!
وعلى وجه آخر كان داعمًا للمهمة الثقافية التى يراها لبلاده فى أرض العرب، وقد روى لى الدكتور سليمان العسكرى، رئيس التحرير السابق لمجلة العربى، أن الشيخ «صباح» كان يتعهدها بنفسه منذ النشأة ليتحقق شعارها الذى يقول: مجلة يكتبها عرب ليقرأها كل العرب!.. يرحم الله الرجل ويحفظ بلاده من الطامعين فيها والمتآمرين عليها!