بقلم : سليمان جودة
أرسلت الدكتورة غادة والى من النمسا سطوراً تقول فيها إن لها عندى حق عرب، لأنى وضعت اسمها على رأس هذا العمود أمس الأول بطريقة تشير إلى عنوان بيتها.. فعنوانها، سواء كانت تقيم فى حى الزمالك أو فى سواه، هو فى تقديرها معلومة خاصة وليس معلومة عامة!
وقد ذكرتنى رسالتها الكريمة بوقت كانت فيه مجلة الكواكب تنشر عناوين الفنانين والفنانات بالتفصيل.. إننى أذكر أن ذلك كان فى السبعينيات من القرن الماضى، وأنى كنت أتابع هذه المجلة العريقة يوم كانت تنافس مجلة الموعد فى بيروت لصاحبها محمد بديع سربيه وتتفوق عليها، وكنت أراسل الكثيرين من الفنانين والفنانات على عناوينهم، ولم تكن هناك مشكلة فى نشر عنوان فنان، أو فنانة، أو حتى مسؤول فى الحكومة.. كنت وقتها تلميذاً فى الإعدادية.. والطريف أن بعضهم كان يرد على رسائلى بخط يده على عنوان المدرسة، وحين جاءنى أيامها خطاب من منتج شهير، فإن ذلك أصاب أستاذ التاريخ بثورة عارمة.. ولكن هذه قصة أخرى!
ولكن الزمان دار دورته، وصرنا فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين، ولم تعد الدنيا كما كانت فى السبعينيات.. أذكر أن المحرر الصحفى الذى كان يحرر باب رسائل القراء وعناوين الفنانين والفنانات فى المجلة كان رجلاً خفيف الدم، وكانت خفة دمه تبدو فى ردوده على رسائل قراء كل أسبوع، وكان يفعل ذلك تحت اسم مستعار، وكان الاسم هو: واحد تانى!!
وفى مرة أرسل إليه قارئ وصمم على أن يعرف اسمه الثلاثى.. وقد رد المحرر بخفة دمه المعهودة فقال إن اسمه: واحد تانى واحد!.. وفى مرة أخرى أرسل قارئ آخر يسأله: أين الفنانة سعاد حسنى هذه الأيام؟!.. فكان رده: فى بيتها بالزمالك!
ولم يكن الأمر يخلو من معجبين مهووسين، كانوا يذهبون إلى عنوان فنانة هنا، أو فنانة هناك، ولكن المسألة كانت تنتهى فى هدوء، وكانت كلمات رقيقة من الفنانة تجاه معجبها المهووس كافية لأن تصرفه عن المكان دون مشاكل كبيرة ولا صغيرة!
لقد أعادتنى رسالة الدكتورة غادة إلى أيام أن كانت الزمالك زمالك، وفى كل مرة كتبت فيها عن مشكلات تواجه الذين يسكنون هذا الحى الهادئ الراقى.. أو الذى كان كذلك.. كنت أريد أقول إنه مساحة جميلة فى القاهرة يجب تعميمها قدر الإمكان لا تشويهها، وإنه إذا كان هو الحى الذى أقامت فيه أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وفريد الأطرش، فهذا أجدى بأن نحيطه بكل ما يتعين أن تحاط به أغلى الذكريات!