بقلم : سليمان جودة
يعجبنى في عبدالحميد دبيبة، رئيس وزراء ليبيا الجديد، أنه منفتح على جميع الليبيين، وأنه لما بدأ اختيار أعضاء حكومته الجديدة قال إنه لن يختار عضوًا فيها لا يكون قادرًا على الذهاب إلى أي مكان في البلاد دون مشكلات.. والمعنى أنه يريد وزراء يمثلون الأراضى الليبية كلها ولا يمثلون جانبًا فيها دون جانب آخر!
ولكنى لست مستريحًا إلى الطريقة التي قال إنه اختار بها، لأنها طريقة تقول تقريبًا بعكس ما كان قد صرح به في موضوع الاختيار من قبل!
فهو يقول إن قائد الجيش سوف يكون من الشرق الليبى، وإن رئيس الأركان سيكون من الغرب، بينما وزير الداخلية من الجنوب!.. وهكذا في باقى الوزراء الذين وزعهم ثلاث فئات: وزراء سيادة.. وزراء خدمات.. ثم وزراء على رأس وزارات إنسانية!
وهذه مسألة ليست مريحة سياسيًا، ولا هي تبعث على الاطمئنان، لأنى أتصور أن كل مواطن ليبى طبيعى يريد وزراء ليبيين وفقط.. وزراء يقدمون جنسيتهم الليبية على كل ما عداها.. وزراء يكون انتماؤهم إلى البلد كله في عمومه لا إلى منطقة فيه دون منطقة!
ولست مستريحًا كذلك إلى ما قيل في كل التقارير الصحفية عن لمياء بوسدرة، المرشحة لمنصب وزير الخارجية في حكومة الرجل!.. لقد قيل عنها إنها قريبة من عبدالحكيم بلحاج، الأمير السابق للجماعة الإسلامية الليبية!.. وهذه معلومة تظل في حد ذاتها مقلقة للغاية، لأن بلحاج قصة كبيرة في ملف التطرف والعنف هناك، ولأنه مرتبط بعلاقات معلنة مع دول محددة في المنطقة لا ترغب في استقرار ليبيا، كما أن دوره في مرحلة ما بعد سقوط حكم العقيد القذافى لايزال محاطًا بالكثير من علامات الاستفهام!
الصيغة التي تجعل الوزراء الجدد موزعين على أساس المناطق، هي صيغة جربناها في دول عربية أخرى على أساس آخر غير المناطق، ولم ينتج عنها أي شىء مفيد للبلد والناس!.. لا في العراق على سبيل المثال.. ولا بالطبع في لبنان من قبل العراق!
ولكن.. ما يخفف من وطأة مثل هذه الطريقة في اختيار وزراء دبيبة أن حكومته مؤقتة، وأنها تمهد لانتخابات رئاسية وبرلمانية ستُجرى في ديسمبر المقبل.. وعندها سوف لا يكون لمثل هذا المعيار في الاختيار أي مبرر، لأن ليبيا لا تحتمله ولا تطيق عواقبه!.