بقلم : سليمان جودة
جرت العادة فى سنين ماضية على أن يتلقى الفائزون بجوائز الدولة فى الآداب، والفنون، والعلوم الاجتماعية شيكاً بقيمة الجائزة على عنوان البيت، فى نفس عام الفوز بها، وربما فى الشهر نفسه، على أن يتم منح شهادة الجائزة فى وقت لاحق!.
والمشكلة أن هذا الوقت اللاحق لم يكن يأتى إلا كل عدة أعوام، وكان المجلس الأعلى للثقافة، الذى يمنح الجوائز، يضطر إلى تجميع الفائزين معاً فى مناسبة واحدة، ليحصل كل فائز على شهادته، وكان رئيس الدولة يحضر فى الغالب ليوزع الشهادات على أصحابها!.
وقد عرفت كثيرين ممن فازوا بجوائز من هذا النوع، وممن ضايقتهم هذه الطريقة، لأن التأخر من جانب الدولة فى منح الشهادة لصاحبها كان يُفقد الجائزة الكثير من مذاقها، ولأن الموضوع ليس مجرد شيك بالقيمة يذهب إلى فلان من الفائزين أو علان، ولكنه فى تكريم الحاصلين على الجوائز فى العلن، وفى ترسيخ ما يشير إلى أن الدولة تحتفل بالتفوق كقيمة فى كل مجال!.
ولا بد أن تكريم الحاصلين على جوائز الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، بالذات، سوف يرسخ قيمة أكبر.. هذه القيمة الأكبر هى أن الدولة تدعم معركتها ضد الفكر المتطرف بقوة.. فالفنون، والآداب، والعلوم الاجتماعية، ليست سوى أسلحة تعرى هذا الفكر وتكشف أصحابه أمام الناس!.
وقبل أيام وقف الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى، يوزع جوائز الدولة فى العلوم على مستوى الجامعات ومراكز البحث.. وهى جوائز تمنحها أكاديمية البحث العلمى فى كل سنة !.. ومما قاله الوزير فى الحفل أن الدولة مهتمة بتكريم الذين أفنوا حياتهم فى خدمة الوطن، وأن القيادة السياسية مهتمة بالعلم والعلماء!.
والغالب أن حفل الدكتور عبدالغفار قد أثار الكثير من الشجن لدى الفائزين بجوائز الدولة فى الفنون، وفى الآداب، وفى العلوم الاجتماعية، ممن فازوا ولم يحصلوا على شهاداتهم بعد!.. والمؤكد أنهم تمنوا لو كانوا حاضرين فى المناسبة نفسها، ولو كانت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، حاضرة معهم، ولو كان السيد الرئيس حاضراً يوزع الجوائز بنوعيها فى حفل كبير واحد!.
فى زمن مضى كان هناك حفل سنوى شهير لعيد العلم، وكان عبدالناصر يوزع الجوائز بنفسه على الأدباء والمفكرين والفنانين والعلماء، وكان عيداً يمتد الحديث عنه والبهجة به إلى كل بيت، وفى أيام السادات استمر العيد ومعه الحفل السنوى.. وأظن أن الرئيس السيسى كان منذ فترة قد أعطى توجيهاته بعودة العيد ومعه الحفل، لأن بلداً فى مرحلة إعادة بناء نفسه مثل بلدنا هو أحوج ما يكون إليهما!.
أراهن على أن يدفع الوزيران عبدالغفار وعبدالدايم فى هذا الاتجاه بكل قوة ممكنة!.