توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليسوا كلاباً!

  مصر اليوم -

ليسوا كلاباً

بقلم سليمان جودة

أرجو أن ينتبه الرئيس، وأن ينتبه المهندس شريف إسماعيل، من بعده، إلى أن سيدة رشيد، التى نقلت وسائل الإعلام صورتها، وهى تتشح بالسواد، وتلقى بنفسها فوق جثة ابنها، ثم تنخرط فى نواح طويل، ليست فريدة من نوعها، وأن هناك إلى جوارها عشرات، بل مئات السيدات، فقدن أعز الأبناء والرجال، وينتظرن كلمة مواساة من القاهرة، وتبحث كل واحدة منهن عن هذه الكلمة، فتقع فى النهاية على سراب!

أقول ذلك، لأن السلطة فى نظر تلك السيدات المحزونات، ليست سلطة المحافظ هناك، وإنما هى القاهرة تحديداً، ولذلك، فليس غريباً، أن يطلق أبناء الأقاليم جميعاً، على القاهرة: مصر!.. وجميعنا يعرف، أن أى واحد من أبناء تلك الأقاليم، إذا قرر الذهاب إلى العاصمة، فإنه يقول إنه ذاهب إلى «مصر».. لا إلى القاهرة.. فكأن القاهرة هى مصر.. ومصر هى القاهرة!

اهتمام أهل السلطة، فى القاهرة، بمئات الغرقى فى رشيد، كان يجب أن يكون أكبر من هذا بكثير.. وكنا ننتظر أن نسمع إعلاناً للحداد، وتنكيساً للأعلام، وزيارة لرئيس الحكومة ومعه عدد من الوزراء المعنيين، إلى موقع الفجيعة.. كنا، ولا نزال، ننتظر هذا كله، ثم ننتظر معه كلمة مواساة مذاعة، ومعلنة، من الرئيس نفسه!

إن آخر الأرقام تقول إن أعداد الجثث المنتشلة قد وصل إلى 172 غريقاً، وإذا افترضنا أن الغرقى ليسوا كلهم مصريين، وأن فيهم أفارقة، فالمعنى أننا أمام مائة غريق مصرى تقريباً، وأمام مثل هذا العدد، وربما أكثر، فى قاع البحر، وفى أحشاء السمك، ولا يكفى أبداً.. لا يكفى أبداً.. أن يُقال إن النيابة حبست عدداً من أفراد طاقم المركب، ولا أن الرئيس طلب ملاحقة المتسببين فى الكارثة، ولا أن يقال إن تشديداً سوف يكون على الشواطئ لمنع وقوع كوارث مماثلة فى المستقبل.. لا يكفى هذا كله، لأنه لن يعيد الحياة إلى غريق فقد حياته، وهو يغامر بها، بحثاً عن طاقة أمل، ومعها فرصة عمل، فى فرنسا، أو فى إيطاليا، أو فى أى من دول جنوب أوروبا.. لا.. ولن يعيد هذا كله، البسمة، على وجه أم فقدت وحيدها، أو عائلها، أو طفلها!

إحساس الناس فى رشيد، بأن «القاهرة» معهم فى الصورة، وأنها تواسيهم على الأقل، إذا كانت قد عجزت عن إتاحة فرص عمل للغرقى، مهم للغاية.. كما أن إحساسهم بأن القاهرة تشاركهم الحزن، وتمد يدها تعزيهم، لا يجوز أن يفتقدوه، ولا أن يفتشوا عنه، فلا يقعوا له على أثر!.. الذين غرقوا بالمئات ليسوا كلاباً!.. أستغفر الله، وأرجو أن يسامحنى ذووهم.. الذين غرقوا بنو آدم، ولهم حق فى رقبة هذه الدولة الغافلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليسوا كلاباً ليسوا كلاباً



GMT 22:03 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

روى السادات لأنيس

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:58 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

يكسب دائمًا

GMT 11:58 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

رأس الجبل العائم

GMT 08:05 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

مشهد لا يتسق مع تاريخ فرنسا القريب

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon