بقلم سليمان جودة
ما معنى أن تعلن وزارة التضامن الاجتماعى أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية، الذى تقدمت به هى، لم يؤخذ به فى مجلس النواب، وأنه تم تجاهله بالكامل، وأن المجلس أخذ بمشروع قانون آخر تماماً، كان أحد الأعضاء قد تقدم به، ليمر فى البرلمان بسرعة الصاروخ؟!
من حق أى نائب فى البرلمان، بالطبع، أن يطرح مشروعاً بأى قانون، ومن حق مجلس النواب أن يأخذ به، وأن يناقشه، ثم يمرره سريعاً كما حدث مع مشروع القانون الذى نتحدث عنه.. غير أن السؤال هو: لماذا.. وما الهدف؟!.. إذا ما كنا أمام مشروع قانون جاهز، ومتكامل، ومطروح من الحكومة؟!
إن مشروع القانون الخاص بالوزارة، الذى تم تجاهله لم يهبط على الوزارة من السماء، ولا هو قادم من جانب جهة تعمل ضد البلد، ولا هو مشروع شيطانى نبت فجأة، دون أن ينتبه أحد!
إنه مشروع خضع للدراسة والنقاش على يد الوزارة لفترة طويلة، بل إنه نوقش على مستوى الحكومة كلها، ووافقت عليه، ثم إنه كان محلاً لحوار أدارته الوزارة المختصة حوله، بحيث يمكن القول إنه كان محققاً لمختلف وجهات النظر، وكان مرضياً للوزارة المعنية من ناحية، ولأطراف العمل الأهلى فى البلد عموماً من ناحية أخرى.. فلماذا تم تجاهله، ولماذا تم ركنه فى الأدراج، ولماذا خرج مشروع قانون آخر فجأة، ولماذا تم تمريره بهذه السرعة؟!
كلها تساؤلات بلا جواب، وكلها تقول بأن هناك شيئاً ما لا نعرفه.. بل لا تعرفه الحكومة ذاتها، رغم أنها أدت واجبها، ورغم أنها أعدت مشروعها، ورغم أنها ناقشته، ورغم أنها استوفت فيه ما هو مطلوب، ليحقق العمل الأهلى أهدافه فى مجتمعه، وفق ما تراه الحكومة المسؤولة، ووفق ما يريد أطراف هذا العمل فى الوقت نفسه!
إن رصد عدة مخالفات لعدة جمعيات أهلية فى أجواء 25 يناير 2011، ثم بعدها، ليس معناه أن نصادر العمل الأهلى كله، وليس معناه أن نضع المذنب والمصيب فى سلة واحدة، وليس معناه أن ننفخ فى الزبادى سيراً على المثل الشعبى الذائع، وليس معناه أن ننظر إلى كل جمعية أهلية على أنها متهمة إلى أن يثبت العكس.. ليس معناه هذا كله.. لأن الطبيعى أن نطلق الحرية لأى عمل أهلى غير حكومى، وأن نضع له ضوابطه العادلة التى تضمن أن يكون إيقاعه متزناً، وأداؤه إيجابياً، فلا يمارس عملاً يضر بالوطن على أى مستوى.
تمرير مشروع قانون مختلف مائة بالمائة عن مشروع الحكومة أمر غير مريح بالمرة، لأنه يدل على أشياء كثيرة لا تبعث على الاطمئنان، منها - مثلاً - أن البرلمان لا يثق فى الحكومة، وأخطرها أن فى البلد حكومتين، واحدة يرأسها المهندس شريف إسماعيل، وأخرى لا يعرف عنها الرجل شيئاً!.