بقلم : سليمان جودة
إذا كان لنا أن نخرج من أجواء كورونا بأشياء، ففى المقدمة من هذه الأشياء أن الثراء في البلد ليس مقصوراً على رجال الأعمال، بالمعنى التقليدى المعروف لرجل الأعمال، وأن علينا أن نوسع دائرة العطاء الخيرى الذي ننتظره في المجتمع، لتضم آخرين كثيرين ليسوا بالضرورة رجال أعمال!
والمعنى أن الذين يملكون المال في المجتمع ليسوا رجال الأعمال وحدهم، وأن علينا أن نخاطب «القادرين» عموماً في مجتمعنا، إذا ما كان الموضوع موضوع تبرع يبادر به صاحب المال تجاه مجتمعه الذي يعيش فيه، ويمارس من خلاله مسؤولية اجتماعية لا غنى عنها!.. وعندما أتحدث عن «القادرين» بيننا، فالقصد أن تكون دائرة العطاء أشمل، وألا تتوقف عند حدود رجال الأعمال، خصوصاً الذين يظهرون منهم في الإعلام، أو الذين تتناثر صورهم في الصحف، وفى أبواب الاجتماعيات والسهرات بالذات!
ولابد أن وجه الدقة في كلمة القادرين أن حدودها تمتد لتشمل الطبيب صاحب الثروة الضخمة، الذي لا يخاطبه أحد في تبرع ولا في إعطاء، مع أن واقع الحال يقول إن في مجتمعنا أطباء ينافسون رجال الأعمال في موضوع الثراء، وإنهم قد يكونون أشد ثراءً وأكثر ثروة!
وتمتد ظلال الكلمة نفسها إلى المحامى صاحب الفلوس الكثيرة، والذى لا يأتى على بال أحد عند الحديث عن الدور الاجتماعى للمال، أو عن المسؤولية الاجتماعية لصاحب المال!.. وأستطيع أن أحصى عشرات الأسماء من الأطباء والمحامين، ممن لا يقلون ثراءً عن كثيرين من رجال الأعمال المعروفين!
والقصة أن الثراء ليس صفة لصيقة برجل الأعمال وحده، وأن طبيباً قد ينافسه في ثرائه، وأن محامياً قد يملك ما يملكه رجل الأعمال وأكثر، وأن استاذاً جامعياً قد يكون أغنى، وأن تاجراً قد أثرى، وأن فناناً قد يكون أغنى وأغنى.. وهكذا وهكذا.. إلى نهاية القائمة التي ستكشف لك إذا ما تأملتها، أن الإعلام هو الذي يركز الكاميرات والشاشات على رجال الأعمال دون سواهم، وأنه لا يبذل جهداً في اتجاه توسيع الدائرة لتكون مظلة المسؤولية الاجتماعية أكبر وأعم!
لقد اشتبك جانب من الإعلام ومواقع التواصل مؤخراً مع ثلاثة من رجال الأعمال، ونالهم من الشتائم ما لم يكن يليق، ونسى الذين اشتبكوا وشتموا أن في بلدنا أسماء عديدة، قد يكون أصحابها أغنى من صبور وغبور، ولكن الإعلام لا يعرفهم ولا تظهر لهم فيه صورة على الصفحات والشاشات.