بقلم : سليمان جودة
فى إمكانك هذه الأيام أن تعرف الكثير عن أجواء نصر أكتوبر 1973، الذى لما تحقق على يد السادات العظيم، فإنه محا عارًا بدأ فى 5 يونيو 1967!.. محا بطل الحرب والسلام عار المصريين والعرب بضربة واحدة عبرت بها قواتنا الباسلة قناة السويس، فاستردت الأرض والشرف! ويتكفل الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط، بإتاحة هذه المعرفة لك.. وهو يتكفلها بكتاب له سوف يظل مرجعًا لكل مصرى يرغب فى أن يعرف ماذا جرى ذات يوم قبل النصر!.. الكتاب صدر عن دار نهضة مصر، قبل سبع سنوات، تحت عنوان: شاهد على الحرب والسلام!
والرجل شاهد على الحرب لأنه كان عضوًا على مدى عامين فى فريق حافظ إسماعيل، مستشار الأمن القومى العتيد، وكانت مهمة الفريق من عام 1972 إلى 1974 أن يساعد السادات فى إدارة الشق السياسى لقرار الحرب!.. وهو شاهد على السلام لأنه كان عضوًا فى فريق عمل آخر، كان يترأسه الدكتور عصمت عبدالمجيد، وكانت مهمته الإعداد للذهاب إلى مؤتمر ميناهاوس التحضيرى، الذى خرج إلى النور بعد عودة السادات من زيارته إلى القدس فى نوفمبر 1977!
وفى الكتاب قصة يجب ألا ننساها عما رد به داهية السياسة الأمريكية، هنرى كيسنجر، على الدكتور محمد حسن الزيات، الذى كان قد ذهب عام 1972 يسأله أن يساعد فى جلاء إسرائيل عن الأرض المحتلة!.. كان رد «كيسنجر» أنه لا يملك وقتًا يضيعه معنا نحن المصريين، الذين لا يستطيعون الذهاب إلى حرب تعيد توازن القوى بينهم وبين تل أبيب، ولا يريدون دفع ثمن الهزيمة الثقيلة التى لحقت بهم فى 67!
وحين عاد «الزيات»، وكان وزيرًا للخارجية، يخبر السادات بما يراه «كيسنجر»، كان لا بد من قرار الحرب، الذى محا العار وأهال التراب على سنين الهزيمة، وحفظ لصاحبه مكانته بين الساسة والقادة العظام.. ويشاء الله تعالى أن يلتقى «أبوالغيط» مع الداهية الأمريكى، خلال احتفال أُقيم فى هيلتون نيويورك 1999، وأن يصارحه بأنه ربما لا يعرف أن رده على «الزيات» كان فى مقدمة الأسباب التى دفعتنا إلى أن نحارب وأن ننتصر!
وما كاد «كيسنجر» يسمع بذلك من أمين عام الجامعة العربية، الذى كان وقتها مندوبًا دائمًا فى الأمم المتحدة، حتى انتفض وأنكر ما كان منه، ثم بدا الانزعاج ظاهرًا على ملامح وجهه كلها!!.. لقد خشى أن تضبطه إسرائيل متلبسًا بتحريض القاهرة على الحرب!.. ولكنه كان قد أسدى لنا خدمة من حيث لم يكن يدرى!