بقلم:سليمان جودة
مما نتابعه فى حلقات الصراع الروسى الغربى على أرض أوكرانيا، يتبين لنا أن ما يقال عن أن الحقيقة تظل أولى ضحايا الحروب مسألة فى حاجة إلى إعادة نظر، لا لشىء، إلا لأن تطورات الحرب الروسية الأوكرانية كشفت عن ضحية جديدة تنافس هذه الضحية الأولى!.
هذا ما سوف نجده فى حديث لوزير الاقتصاد الألمانى روبرت هابيك، الذى كان يتحدث عن أزمة فى الطاقة يمكن أن تواجه بلاده، إذا وقع نقص فى إمدادات الغاز التى تأتيها مع قارة أوروبا من روسيا، وهى إمدادات تصل إلى نصف حاجة القارة العجوز تقريبًا من الغاز!.
وكانت ألمانيا تستعد لافتتاح خط «نورد ستريم ٢» الذى سينقل الغاز الروسى إليها عبر بحر البلطيق فى الشمال، لولا أن وقوع الغزو الروسى للأراضى الأوكرانية دفع المستشار الألمانى أولاف شولتز إلى الإعلان عن تعليق العمل فى افتتاح الخط إلى أجل غير مسمى!.
ولأن الحديث عن إنهاء هذا التعليق أمر سابق لأوانه، ولأن الإمدادات الحالية القادمة عبر أراضى أوكرانيا مهددة وسط ظروف الحرب، فإن الألمان يجدون أنفسهم واقفين على الحافة من أزمة كبيرة فى الطاقة، ويجدون أنفسهم مدفوعين إلى البحث عن بديل بأى ثمن.
وهذا الثمن تكلم عنه الوزير هابيك، عندما قال فى حديثه إن بلاده تفكر فى تمديد العمل فى محطات الطاقة التى تعمل بالفحم!.. وعندما يخرج مثل هذا التصريح عنه، فمعناه أن ما قيل سابقًا عن وقف العمل فى هذه المحطات، إنقاذًا للبيئة من التلوث الذى يسببه الفحم، سوف يكون محل مراجعة، ثم رجوعا عنه فى آخر المطاف!.
ولم يجد الوزير الألمانى حرجًا فى أن يقول بصراحة إن المفاضلة لديهم بين قضية تأمين الطاقة وبين قضية المناخ والبيئة ستكون لصالح القضية الأولى!.. وهكذا.. فالمناخ الذى انعقدت من أجله قمة عالمية فى جلاسجو البريطانية نوفمبر الماضى، والذى ستنعقد من أجله القمة الجديدة فى شرم الشيخ نوفمبر المقبل، سيتحول فى لحظة من قضية إلى ضحية!.
الطريف جدًا أن الوزير روبرت هابيك ينتمى إلى حزب الخضر، المشارك فى الحكومة الألمانية الحالية، وهو حزب كان يقول فى كل وقت إنه لا قضية عنده يدافع عنها ويتبناها منذ وجوده فى الحياه السياسية سوى قضية المناخ!!.