بقلم : سليمان جودة
فى اتصال من الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى، فهمت أن الحفل، الذى رعاه الأحد الماضى لتوزيع جوائز الدولة فى العلوم، هو حفل تكميلى لحفل آخر أكبر، كان الرئيس قد حضره فى عيد العلم فى أغسطس، وكان فيه قد وزع عددًا من الجوائز على أساتذة فى الجامعات!
وكنت قد أشرت إلى حفل الوزير «عبدالغفار»، داعيًا إلى أن يكون توزيع جوائز الدولة كلها فى حفل واحد يحضره الرئيس، فى يوم عيد العلم من كل سنة، سواء كانت الجوائز هى جوائز الدولة العلمية، التى تمنحها أكاديمية البحث العلمى، أو كانت جوائز الدولة فى الفنون وفى الآداب وفى العلوم الاجتماعية، التى يمنحها المجلس الأعلى للثقافة!
إن الدولة لا تمنح جوائزها بغير هدف، ولابد أن يكون لها هدف واضح، وهذا الهدف ليس من الضرورى أن يُقال بشكل مباشر.. فالحشد الإعلامى عند منح الجوائز سنويًا وتوزيعها ومعها الأوسمة والأنواط يمكن وحده أن يشير إلى الهدف بشكل غير مباشر، وأن يظل يرسخه لدى الناس عامًا وراء عام!
أما الهدف فهو تكريم التفوق أيًا كان ميدانه، وهو الحفاوة بالتميز أيًا كان مجاله، وهو الاحتفال بالعلم أيًا كانت سماؤه.. ولابد أن التكريم والاحتفال والحفاوة عندما تأتى كلها من جانب الدولة سوف تختلف كل الاختلاف عما إذا جاءت من جهة خاصة هنا أو مؤسسة أهلية هناك!
الاحتفال بالعلم فى يوم عيده على يد الدولة سيجسد انحيازها، ويؤسس لطبيعة هذا الانحياز، ويحدد اتجاهه، ثم إلى أى طريق يميل.. والمشروعات القومية، التى تنفذها الدولة على أكثر من مستوى، هى فى حاجة فى النهاية إلى إنسان مؤهَّل يضمن لها البقاء والعائد على المدى الطويل!
وإذا كانت العلوم فى الجامعات هى التى تبنى عقل الإنسان، فالفنون والآداب والعلوم الاجتماعية تشكل وجدانه وعقله معًا.. والمؤكد أن مبادرة الدولة إلى تحديد يوم ثابت فى كل سنة عيدًا للعلم سوف تجعل منه مناسبة لا تغيب لوضع العلم فى حياة الناس حيث يجب أن يوضع!
ولأن وزيرة الثقافة هى التى ستترأس المجلس الأعلى عند الإعلان عن جوائزه بعد 3 شهور، فالدكتورة إيناس عبدالدايم مدعوة إلى وضع جوائز وزارتها على الطريق الصحيح، ومدعوة إلى الدعوة مع الدكتور «عبدالغفار»، يدًا بيد، إلى أن يكون يوم كذا تحديدًا هو عيد العلم الذى لا يتغير، وهو الذى يمثل مظاهرة ثقافية كبرى فى موعده من كل سنة، وهو الذى يحتفى فيه رأس الدولة بأهل العلم على اختلافه فى كل قطاع!
الكرة فى ملعب الدكتورة «عبدالدايم» لأن وزارتها هى المعنية بتشكيل وجدان الناس، ولأن عقلية موسيقية مثلها تدرك هذا المعنى وتستوعبه!