بقلم : سليمان جودة
هل صحيح أن الحكومة أوقفت البناء فى الساحل، إلا أن يكون البناء فى أبراج العلمين التى تبنيها هى؟!.. إذا كان هذا صحيحاً.. وهو- حسبما فهمت من مصادر عديدة- صحيح.. فالأمر فى حاجة إلى مراجعة سريعة.. مراجعة تطلق يد القطاع الخاص فى البناء فى الساحل وفى غير الساحل، لأسباب تتعلق بالناس أنفسهم فى العموم، أكثر مما تتعلق بأصحاب البناءات فى أى مكان!
وإذا أرادت الحكومة أن تعرف إلى أى حد تتعلق هذه المسألة بالناس فى عمومهم، فإن عليها أن تطلب عدد الذين يعملون فى قطاعات التشييد من آحاد الناس، ممن لا عمل لهم سوى فى هذا المجال، وممن لا قوت لهم سوى من هذه القطاعات!
تعرف الحكومة عددهم بالتأكيد، ثم تعرف ما هو أهم.. وهذا الأهم هو أن بقاء هذه الأعداد بغير عمل، وبغير مورد رزق بالتالى، مصدر خطر لا يحتمله البلد!
لا أحد ضد وضع المعايير المطلوبة للبناء فى كل مكان، ولا أحد ضد تطبيق القانون على كل مخالف بحزم وعدل وموضوعية، ولكن الفارق كبير بين أن نوقف السيارة فى مكانها لإصلاح خلل فيها، وبين إصلاح هذا الخلل بينما السيارة تمضى فى طريقها دون توقف.. ولابد أننا أحوج ما نكون إلى العمل حسب الحالة الثانية.. الحالة التى يمكن معها إصلاح ما يجب إصلاحه فى السيارة أثناء سيرها، لأن توقفها أو إيقافها ينطوى على مخاطر نحن فى غنى عنها بطبيعة الحال!
إن الحكومة تعرف أيضاً أن عمالة كثيرة تعود هذه الأيام من دول عربية عديدة، وتختلف أسباب العودة من دولة إلى دولة، ولكنها عودة فى النهاية وبأعداد غير متوقعة!
ولن تجد مثل هذه العمالة العائدة مجالاً يستوعبها، أكثر مما سوف تجده فى قطاع البناء على وجه الخصوص، لأنه قطاع واسع ولأنه قطاع لا يتوقف عن استيعاب المزيد!
هذه سطور من وحى كلمات السيد الرئيس فى افتتاح رابع مرحلة فى الخط الثالث لمترو الأنفاق.. فعندما يقول رأس الدولة صراحةً إنه ليس ضد رغبة الناس فى البناء، وعندما تضع صحف الدولة هذه العبارة فى المانشيت، فليس أمام الحكومة سوى ترجمة ذلك عملياً فى الواقع الحى بسرعة لا تعرف الإبطاء!