بقلم سليمان جودة
أبحث دون جدوى عن أثر لكلام الرئيس، حين كان لايزال مرشحاً رئاسياً، عن أن اقتصاد البلد لا يمكن أن يقوم على القروض، والمنح، والإعانات!
وأبحث دون جدوى أيضاً عن كلام الرئيس قبل عدة أشهر عن أننا لن نحصل على دولار واحد قرضاً من أى جهة دولية، إلا إذا تأكدنا أولاً ومسبقاً، من أننا قادرون على السداد عندما يأتى أوانه!
أبحث عن هذا كله دون جدوى، وأنا أقرأ مع غيرى نبأ اقتراض 460 مليون دولار من مؤسسة التمويل اليابانى «جايكا» لاستكمال أعمال المتحف الكبير!
وإذا لم تكن قد انتبهت إلى حجم القرض، فأرجوك أن تعيد قراءته مرة أخرى، لتكتشف أنه يوازى خمسة مليارات جنيه تقريباً، إذا حسبنا الدولار بسعر البنك المركزى، فإذا حسبناه بسعر السوق الموازية، كان علينا أن نضرب الرقم بالجنيه فى اثنين!.. يعنى عشرة مليارات جنيه هى حجم قرض واحد!
وفى التفاصيل، أن فترة السماح فى السداد سبع سنوات، وأن سداده سيكون على 25 سنة، بفائدة 1.4٪!
ولو أنت ناقشت أحداً من مسؤولينا، ممن وقّعوا على القرض، فسوف يزف إليك فرحته بأن نسبة الفائدة هذه تظل معقولة جداً، ومقبولة للغاية، ثم ينسى المسؤول نفسه أن الفائدة على الدولار لا تتعدى النصف فى المائة فى أى بنك، وأنها أحياناً تكون زيرو!.. بما نفهم منه أن نسبة الفائدة التى يراها مسؤولونا معقولة ومقبولة، إنما تمثل كنزاً بالنسبة لصاحب القرض، لأنها فى النهاية ثلاثة أضعاف ما سوف يحصل عليه من فائدة، لو وضع المبلغ ذاته فى البنك!
مَنْ بالله سوف يسدد هذه المليارات الخمسة أو العشرة من الجنيهات، عندما يأتى أوان سدادها.. ومن أين؟!
فالمؤكد أن أى مسؤول، ممن وضعوا توقيعهم الكريم عليها، لن يكون موجوداً فى الحكم وقتها، وبالتالى، فإن المسألة المتعلقة بالسداد.. من أين.. وكيف.. لا تعنيه بالمرة!
يبدو أن دولاً بعينها، حول العالم، قد أخذت بالها من شهيتنا المفتوحة هذه الأيام على آخرها، للاقتراض، من أى جهة، وبأى مبلغ، فجاء ممثلو تلك الدول، يطرقون بابنا، ويعرضون مئات الملايين، وأحياناً المليارات.. أما المصريون الذين سوف يسددون القروض المنهمرة عليهم كالمطر، فالله وحده هو الأعلم بحالهم، وقت أن يكون عليهم أن يسددوا بالذوق، أو بالعافية!.. وأظنك تعرف معنى «العافية» إذا ما تعلق الأمر بسداد دولة لقرض مستحق عليها!