بقلم : سليمان جودة
هذا كتاب تستطيع أن تطالعه فى أى وقت، ولكنك مدعو إلى مطالعته هذه الأيام بالذات، لأن موضوعه قريب الشبه مما يجرى حولك فى المنطقة على أرض العرب!.. الكتاب هو: تاريخ العرب المسلمين فى إسبانيا.. وقد صدر قبل أسابيع عن الدار المصرية اللبنانية، التى تتبنى مشروعاً كبيراً فى النشر يحمل هذا العنوان: كلاسيكيات!.. وفى التقديم للمشروع قال الدكتور صلاح فضل إن المقصود بالكلاسيكيات هو كل ما يمثل ذاكرة الأمة وضميرها الحى، من روائع الفكر، والفن، والأدب، والثقافة!
صاحب الكتاب مؤرخ إنجليزى اسمه ستانلى لين بول، وصاحب الترجمة إلى العربية هو الشاعر على الجارم، أما الدكتور عبدالباقى عبدالهادى فقد تولى المراجعة والتحقيق، وأما الدكتور أيمن فؤاد سيد فقد قام بالإشراف والمراجعة!
وعندما يتصدى أصحاب هذه الأسماء كلها لمهمة واحدة، هى إتاحة الكتاب للقارئ فى أفضل صورة.. ومعهم الناشر محمد رشاد.. فهذا معناه أن الرغبة فى إنجاز مشروع كبير من هذا النوع قائمة وموجودة، ويحملها رجال مقتنعون بها وبحيويتها، ثم بضرورتها لكل قارئ عربى ومصرى معاً!
ولا أعرف كيف ينتهى الشاعر الجارم من الترجمة عام ١٩٤٧، ثم يظل كتاب بهذه الأهمية بعيداً كل هذه السنين عن يد القارئ، الذى لا بديل عن أن يكون على دراية بتاريخ بلاده، وخصوصاً ذلك التاريخ الذى يتحدث عن ثمانية قرون من الزمان قضاها العرب المسلمون فى الأندلس!
وفى رمضان كانت قناة «ماسبيرو زمان» تقدم لمشاهديها ٣٠ حلقة من برنامج «حدث فى رمضان».. وفى الحلقة ٢٨ أطلت المذيعة عزة الأتربى بهدوئها الواثق الذى اشتهرت به، لتروى للمشاهدين ما دار ذات يوم فى الثامن والعشرين من الشهر الكريم.. كان ذلك فى عام ٧١١ ميلادية الموافق ٩٢ هجرية، عندما عبر طارق بن زياد المضيق الذى يتسمى باسمه حالياً بين المغرب جنوباً وإسبانيا شمالاً.. ففى ذلك اليوم من ذلك العام كانت البداية على يد طارق بن زياد الذى يسميه الكتاب طارق البربرى، ربما لأنه كان من البربر فى الشمال الإفريقى الغربى، وربما لأن البربر كانوا غالبية فى جنوده!
أهم ما يميز الكتاب أن مؤلفه ينصف التجربة العربية فى الأندلس، فلا يعظمها بما ليس فيها، ولا يقلل من شأنها فيجردها مما فيها.. وفى الكتاب عبارتان إحداهما على لسان الجارم تقول: وكان العرب فى الأندلس يستعينون على بعضهم البعض بالأعداء!!.. والأخرى على لسان المؤلف تقول: وصار الملوك فى الأندلس بعدد ما فيها من مُدن!!.. وليس أصدق من العبارتين فى وصف ما تراه حولك فى أرجاء المنطقة!