بقلم : سليمان جودة
انزعج الرجل لأنه اكتشف أن أربعين فى المائة تقريباً من السلع المعروضة فى المولات والمحلات التى تجول فيها، هى سلع تركية مائة فى المائة.. ولم يفهم السر ولا استطاع أن يستوعب السبب.. وحين سألنى لم أكن أملك إجابة على تساؤلاته الحائرة.. والغريب أنها ليست المرة الأولى التى يُشار فيها إلى هذا الأمر!
ذلك أن مثل هذا الوضع يمكن أن يكون طبيعياً ومقبولاً، لو أن تركيا لا تمارس معنا العبث الذى تمارسه على حدودنا فى ليبيا، ولو أنها لم تذهب أيام عمر البشير فى السودان، لتنشئ قاعدة عسكرية فى ميناء سواكن على البحر الأحمر، ولو أنها لم تبادر بالتواجد العسكرى فى الصومال عند باب المندب فى الجنوب، ولو أنها لا تتبنى القنوات الفضائية التى تشتم فينا آناء الليل وأطراف النهار، ولو أنها لا تحوم حولنا فى البحر المتوسط، كما يحوم اللص حول مسرح جريمته!
إغراق الأسواق بالسلع التركية سيكون مسألة مقبولة، لو أن هذا كله لا يحدث أمام أعيننا.. ولكن.. بما أنه يحدث، فلا تفسير مقنع ولا تبرير منطقى.. والسؤال بالتالى هو إلى الذين يعنيهم الأمر فى البلد، لعل عندهم تفسيراً لا نعرفه أو تبريراً لم نسمع به من قبل!
فإذا تجاوزنا الاعتبار السياسى الى الاعتبار الاقتصادى، كان لنا أن نتساءل عما إذا كنا نرسل إلى الأسواق التركية سلعاً مماثلة، وعما إذا كانت صادراتنا تملك فى أسواق تركيا مساحات موازية ومساوية.. هذه مسألة ليست واضحة، ولابد أن نيڤين جامع، وزيرة الصناعة والتجارة، مدعوة إلى توضيح القضية أمام المواطنين، الذين يتابعون فى كل مساء ما يفعله أردوغان ضدنا، فإذا ذهبوا فى الصباح إلى الأسواق وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه أمام السلع التى يُغرق هو بها أسواقنا!
وعندما فكر أردوغان يوماً فى إدخال السلع التركية إلى دول الاتحاد الأوروبى، فإن هذه الدول لم تترك الأمر أمامه «سداح مداح» لكنها ألزمته بأشياء محددة، حتى لا تتغول السلع القادمة من أنقرة أوروبياً على حساب كل سلعة تنتجها دول الاتحاد!.. ولم يملك مع عواصم أوروبا سوى أن يلتزم ويمتثل.. فهل ألزمنا نحن حكومته بشىء فى مقابل إدخال سلعها إلى بلدنا؟!
جواب السؤال عند السيدة جامع، باعتبارها الوزيرة المختصة.. وإلى أن تجيب، فإن الموضوع يبدو وكأن فى القاهرة إدارتين مختصتين لهذا الشأن: واحدة نراها تقف ضد تركيا وتكشف ألاعيبها، وأخرى لا نراها تجاملها وتغازلها!.