بقلم : سليمان جودة
الحديث عن أن السودان هى الدولة القادمة بعد الإمارات والبحرين، على طريق إطلاق العلاقات بين عواصم عربية وبين إسرائيل، هو حديث من نوع تحصيل الحاصل!.. وكذلك الحديث هذه الأيام عن أن سلطنة عمان هى الدولة الرابعة بعد السودان!
إن علم المنطق يقول إن المقدمات تؤدى إلى نتائجها، وقد كانت المقدمات على مستوى السودان والسلطنة تتناثر بطول الطريق هذا العام ومعه العام الذى سبق!
ومن بين هذه المقدمات أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو زار مسقط وكان له لقاء مع السلطان قابوس يرحمه الله.. كان ذلك قبل رحيل قابوس أول السنة بشهور، ولم تكن العاصمة العمانية تخفى ذلك ولا كانت تداريه، لأنها تؤمن بما تفعله وتمارسه فى العلن فى المنطقة من حولها، ولأنها ترغب فى أن تكون صاحبة مدرسة فى العلاقات مع باقى الدول أساسها التوازن والاعتدال!
والفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادى الانتقالى فى الخرطوم، كان قد التقى نتنياهو، فى أوغندا، فبراير الماضى، وهناك أنباء تملأ الأجواء حالياً عن لقاء وشيك بينهما فى الدولة نفسها، ثم إن جمعية للصداقة السودانية الإسرائيلية قد جرى الإعلان عن إشهارها فى العاصمة السودانية أول الأسبوع!
والمشكلة مع السودان الشقيق أن تل أبيب تمسكه من يده التى توجعه تماماً، فتصارحه علناً بأن تطبيع علاقاته معها سيكون فى مقابل إسقاط اسمه من قائمة الإرهاب التى وضعته الولايات المتحدة الأمريكية عليها عام ١٩٩٣، ويعرف السودان أنه فى أشد الحاجة إلى مغادرة هذه القائمة بأى طريقة!
ولكن وضع سلطنة عمان مختلف، لأنها ليست فى حاجة إلى شىء من إسرائيل، التى لا تملك أوراق ضغط تغازل بها السلطنة كما هو الحال مع الخرطوم!
ولكن ما تنساه الدولة العبرية فى غمار هذا كله أن إطلاق علاقاتها مع دولة عربية من بعد دولة فى هذه الأجواء التى نعيشها، لن يغير شيئاً من حالة الحصار التى تشعر بها عربياً منذ نشأت، وإنما الذى سيغير بالفعل أن تجلس على المائدة، وأن تقر بحل عادل للقضية الأم فى منطقتنا.. حل يقيم دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، وما عدا ذلك سوف لا يؤدى إلى شىء!.