بقلم : سليمان جودة
المصالحة التى جرى التوقيع على بيانها فى مدينة العلا، أمس الأول، بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية، وقطر من الناحية الأخرى، هى حديث الناس منذ جرت وقائعها فى أجواء احتفالية ظاهرة!.. وأظن أن الحديث عنها سيمتد لفترة لأنها قضية تستحق!
هى قضية تستحق لأن قطع العلاقات بين عواصم الدول الأربع والدوحة كان فى ٥ يونيو ٢٠١٧، ولأن طول القطيعة بين الطرفين منذ ذلك اليوم قد جدد السؤال يومًا بعد يوم عما إذا كانت لحظة سوف تجىء لإنهاء العمل بقرار قطع العلاقات؟!
وهى قضية تستحق لأن الدول الأطراف فيها خمس دول عربية، ولأن أولى هذه الدول هى مصر بما لها من وزن مفهوم فى المنطقة وفى الإقليم، ولأن أربع دول من بين الدول الخمس هى دول خليجية تتمتع بعضوية مجلس التعاون الخليجى الذى نشأ فى ٢٥ مايو ١٩٨١!
المجلس هو تقريبًا أنجح صيغة من صيغ التعاون العربى، لأنه الوحيد الذى صمد من بين مجالس واتحادات من نوعه على امتداد الخريطة العربية.. فلقد عرفنا اتحادًا للتعاون العربى ضم مصر، والعراق، والأردن، واليمن، ثم لم نعد نذكر منه سوى اسمه بالكاد!.. وعرفنا الاتحاد المغاربى من قبل، وكان يجمع المغرب على مائدة واحدة مع الجزائر، وتونس، وليبيا، وموريتانيا، ثم لم يستمر حيًا لأسباب كثيرة.. ولكنه بقى أملاً يراود المغاربيين لعل يومًا أفضل يأتى، فيتحقق فيه ما لم تسعفه الظروف فى المرة الأولى!
لهذا كله.. يظل الانشغال بحديث المصالحة فى محله، ويظل الاهتمام بقمة العلا فى مكانه.. ولماذا لا يكون كذلك بينما الدول الخليجية الأربع التى كانت طرفًا فى قرار قطع العلاقات تمثل ثلثى عدد دول مجلس التعاون الخليجى الست؟!
وإذا كان بيان وزارة الخارجية المصرية عن القمة قد فاتك فأنا أدعوك للعودة إليه، لأن الأمور فى مثل هذه الحالات تؤخذ من مصادرها الطبيعية.. ولا مصدر فى الحقيقة يمكن الأخذ منه والاعتماد عليه فى حالة كهذه، سوى بيان الخارجية الذى شارك وزيرها فى أعمال القمة ووقّع على بيانها مع باقى الموقعين!
كان اللافت فى البيان أنه يبدأ بجملة تقول: «غادر وزير الخارجية الأراضى السعودية الآن».. وكان المعنى أنه صدر فى اللحظة التى انفضت فيها أعمال القمة بالضبط، وأنه قدم للجمهور ما يجب أن يقدمه طازجًا فى وقته!.. أما مضمونه الذى سوف يستوقفك بالضرورة فهو موضوع له حديث آخر!.