بقلم : سليمان جودة
لأسباب كثيرة تابعت عملية إطلاق مسبار الأمل الإماراتى إلى كوكب المريخ، وكان من بين الأسباب أن عوامل الطقس أجلت عملية الإطلاق مرتين.. وقد أدى التأجيل المتتالى إلى مزيد من التشوق لدى المتابعين للتعرف أكثر على تفاصيل هذه العملية المثيرة، التى هى الأولى من نوعها عربياً!.
وحين جاءت المرة الثالثة انطلق المسبار إلى السماء من خلال مركز فضاء يابانى.. ولا بد أنه يسبح الآن فى همة بالغة قاطعاً الطريق إلى الكوكب الأحمر!.
العملية نجحت مساء الأحد، وبعد نجاحها بعشرين دقيقة جرى أول اتصال بالمسبار، من داخل مركز محمد بن راشد للفضاء فى دبى.. أما التوجيه نحو مدار المريخ فسوف يجرى بعد ٢٨ يوماً من الانطلاق.. وحين يصل إلى غايته فى موعد محدد خلال أول ٣ شهور من العام القادم، فإن ذلك سيوافق احتفالات دولة الإمارات بمرور خمسين عاماً على قيام الاتحاد بين إماراتها السبع!.
وكان من بين الأسباب أيضاً، أنى أتابع السباق بين الولايات المتحدة والصين فى اتجاه الوصول إلى الكوكب نفسه، فكلتاهما تسابق الأخرى وترغب فى أن تصل أولاً، وكلتاهما على موعد مع الوصول إلى هناك خلال النصف الأول من السنة المقبلة!.
أما «هناك» هذه، فالمسافة بيننا وبينها يعجز العقل عن تصور مداها.. وإلا.. فإن لك أن تتخيل أن على المركبة الفضائية التى سترسلها واشنطن، أو الأخرى التى سترسلها بكين، أو الثالثة التى أرسلتها أبوظبى، أن تقطع ٤٩٣ مليون كيلو متر من هنا إلى المريخ!.
وعندما جرى الإعلان قبل فترة عن أن رحلة الطيران المباشرة، التى تم تسييرها من استراليا إلى نيويورك سوف تستغرق ١٩ ساعة متواصلة، فلا بد أن كثيرين منا قد راحوا يتخيلون طول المسافة التى ستظل الطائرة تقطعها طوال كل هذه الساعات.. فما بال المسافة التى سيكون على المسبار الإماراتى أن يقطعها، أملاً فى الوصول إلى هدفه بعد بضعة شهور من الآن؟!.
الهدف من العملية هو استكشاف المريخ، ولكن اسم المسبار استوقفنى فى حد ذاته، ربما لأن كلمة «الأمل» نفسها تعانى شُحاً فى أسواق المنطقة بكاملها.. فأنت لا تتلفت إلى أى ركن فيها، إلا وتجد أنباء عن اقتتال بين فريقين فى انتظارك.. وتقديرى أن نجاح هذه الرحلة الفضائية سيكون نجاحاً عربياً بقدر ما سوف يكون نجاحاً إماراتياً، وسيكون إشارة إلى أن العرب قادرون لو امتلكوا الإرادة!.