بقلم : أمينة خيري
لو أن السيدة جيهان السادات بحثت عن أجمل صورة مرسومة لها، فسوف تجدها منشورة على الصفحة الأخيرة من جريدة مايو، التى كانت قد صدرت آخر الثمانينيات عن دار مايو للنشر، وكان يترأس تحريرها الكاتب الراحل الكبير إبراهيم سعدة!
وقتها كان الرئيس السادات يكتب حلقات على الصفحة الأخيرة من الجريدة، وكانت الحلقات تحت عنوان ثابت يقول: عرفت هؤلاء!.. وفى إحدى الحلقات كانت صورتها تضىء الصفحة، وكان الفنان مصطفى حسين هو الذى رسمها بأنامله الذهبية، يرحمه الله.. ولم يكن أجمل من سطور الحلقة المكتوبة بقلم السادات إلا الصورة البديعة، التى أضافت على السطور جمالاً فوق جمال! هذا ملمح من ملامح الشكل فى حياة جيهان السادات.. أما المضمون فى حياتها فمن الممكن أن يقال فيه الكثير، ولكن هناك موقفان أساسيان لها يمكن التوقف أمامهما.. وقد كان أولهما عندما اعترضت على قرار اعتقال ١٥٣٦ مواطناً فى سبتمبر ١٩٨١!
ومما راحت جيهان السادات ترويه بعدها، سواء فى كتابها «امرأة من مصر» أو فى أحاديثها المتنوعة مع الصحافة، أنها ذهبت تعترض لدى الرئيس على القرار، لولا أن الرئيس رفض وساطتها فى الإفراج عن بعض الأسماء، التى كانت هى على معرفة بأصحابها! وكان منطق السادات فى رفض الوساطة أن أصحاب هذه الأسماء يهاجمون معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل، وأنه يخشى أن تتحجج تل أبيب بالهجوم، وتتملص من الذهاب فى طريق الانسحاب من سيناء إلى آخره، وقد كان الخامس والعشرون من إبريل ١٩٨٢ هو موعد الانسحاب من آخر ما تبقى من سيناء لدى الإسرائيليين!
كان هذا الموعد فى حقيقته موعداً للسادات مع التاريخ لأنه كان يدرك ببصيرة رجل الدولة، التى تميز بها، أن وفاء إسرائيل بتعهداتها فى الانسحاب سوف يؤسس لمكانته بطلاً للحرب فى ١٩٧٣، ثم بطلاً للسلام فى إبريل ١٩٨٢، وسوف يحقق حلماً عاش عليه منذ تولى السلطة فى ١٩٧٠، هو استعادة سيناء كاملة غير منقوصة! وكان الموقف الثانى يوم رفضت بشدة أن يدعو محمد مرسى قتلة السادات إلى منصة العرض العسكرى، فى السادس من أكتوبر ٢٠١٢، ففى ذلك اليوم تبين لها ثم لنا مدى استهانة الإخوان بالأرض التى ارتوت بدماء الشهداء الأبطال!.. وكانت هذه الأرض ذاتها هى التى غردت جيهان السادات توصى المصريين بها، وهى فى طريقها للعلاج من أزمة صحية طارئة، قبل أيام.. شفى الله هذه السيدة العظيمة، وكتب لها السلامة!