بقلم : سليمان جودة
السؤال هو: لو كان إيهود أولمرت، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، لا يزال رئيسًا للحكومة في تل أبيب، فهل كان سيتصرف بالطريقة نفسها التي بدت منه قبل أيام، تجاه الرئيس الفلسطينى محمود عباس؟!وسؤال آخر: لو كان الحزب الديمقراطى الأمريكى يحكم في البيت الأبيض هذه الأيام، فهل كان سيتصرف مع الفلسطينيين بالطريقة ذاتها التي بدت من جانب 107 من بين أعضائه في الكونجرس، إزاء ما يسمى «صفقة القرن»؟!أعرف أن «لو» تفتح عمل الشيطان، ولكنها في المقابل لا تمنع طرح السؤالين، في محاولة لفهم ما يجرى في الدنيا من حولنا!
لقد بادر أولمرت بمجرد الإعلان عن الصفقة إلى الاتصال بـ«عباس»، ثم الذهاب إليه، والاتفاق معه على السفر إلى الأمم المتحدة، والوقوف هناك سويًا أمام مجلس الأمن لإبداء الاعتراض العلنى على الصفقة التي كشف عنها ترامب يوم 28 يناير!وقد حدث هذا بالفعل، وبدت صورتهما غريبة وهما يقفان معًا أمام المجلس، ويعلنان بلسان واحد أن هذه صفقة لن تحل القضية في أرض فلسطين!
لا ننسى بالطبع أن رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق دخل السجن 16 شهرًا في قضية فساد، وأنه كان على رأس الحكومة عام 2008، وأنه وقتها كان يتحدث عن سلام ممكن بين حكومته وبين الفلسطينيين، وكان يعترف بأن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية.. وكان يتكلم عن أن قضية اللاجئين الفلسطينيين يمكن بحثها وفق مبادرة السلام العربية، التي طرحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام 2002!هذا كلام لا يعيبه شىء كما ترى، ولكن مشكلته أن صاحبه يظهر به وكأنه يغسل تاريخه بأثر رجعى، ثم كأنه يستدعيه الآن فقط، وبعد أن صار خارج الحكم.. ولذلك، تبدو المسألة من جانبه وكأنها نوع من الكيد السياسى لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الموجود في السلطة حاليًا!
ولا يختلف الأمر في حالة أعضاء الكونجرس المائة وسبعة، الذين فعلوا ما فعلوه في مواجهة صفقة ترامب، وكأنهم في الحزب الديمقراطى من الملائكة الذين يرفضون احتلال الأرض في فلسطين، ثم كأن الجمهوريين، وفى المقدمة منهم ترامب، ليسوا سوى مجموعة من الشياطين!موقف أولمرت هو موقف معتدل طبعًا، وكذلك موقف الأعضاء إياهم، قياسًا على المواقف الأخرى على الجبهة المقابلة في البلدين، غير أنه اعتدال منزوع الصلاحية لأنه ليس في وقته، ولأنه بعيد عن أوانه!.. ولكن هذا لا يمنع من توظيفه بكل الطرق لصالح القضية!