بقلم : سليمان جودة
أمس الأول.. عاد آبى أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، إلى ممارسة لعبته معنا فى شراء الوقت، عندما اقترح قيام سيريل رامافوزا، رئيس جنوب إفريقيا، بالوساطة بيننا وبينهم حول سد النهضة!.. أما لماذا رامافوزا على وجه التحديد، فلأن بلاده سترأس الاتحاد الإفريقى خلفًا للقاهرة، بدءًا من ١٠ فبراير المقبل!والمعنى أن رئيس جنوب إفريقيا لن يتوسط بصفة شخصية، ولا بصفته رئيسًا لهذه الدولة الإفريقية الكبيرة التى يرأسها فى أقصى جنوب القارة، ولكن بصفته رئيسًا للاتحاد الإفريقى!
والمهم هنا ليس هو أن رامافوزا قد التقط الاقتراح ورحب به، ثم أبدى استعداده للسعى بالوساطة وصولًا إلى حل.. ولكن المهم هو لماذا اختارت إثيوبيا هذا التوقيت بالذات لطرح مبدأ الوساطة من ناحيتها لأول مرة، ولماذا الاتحاد الإفريقى الآن؟!
ففى اللحظة التى كانت هى تقترح وساطة جنوب إفريقيا، كان وزراء الخارجية والرى فى مصر والسودان وإثيوبيا يتوجهون إلى العاصمة الأمريكية، لعقد اجتماع حول السد فى مقر وزارة الخزانة الأمريكية، بحضور وزيرها المسؤول، ومدير البنك الدولى!
وهو اجتماع كان قد انعقد فى ذات المكان، وعلى نفس المستوى، أول نوفمبر الماضى، واتفق المجتمعون وقتها على تنظيم عدد من الاجتماعات بين وزراء الخارجية والرى فى الدول الثلاث، وصولًا إلى اجتماع تقييمى فى واشنطن.. وهو الذى بدأ أمس ويتواصل اليوم!.. وقد كانت إثيوبيا على درجة كبيرة من التعنت فى كل الاجتماعات، التى كان آخرها الجمعة الماضى.. وهذا ما أعلنته القاهرة فى بيان قوى صدر، السبت، عن مجلس الوزراء!
فهل أراد آبى أحمد أن يستبق اجتماع واشنطن، ليبدو بمظهر الذى يرحب بالوساطة ويطرحها؟!.. هذا وارد وظاهر.. ولكن السؤال هو: أين كانت هذه المرونة المفاجئة، التى يبديها الرجل، طوال الاجتماعات التى دارت فى القاهرة والخرطوم وأديس أبابا؟!
هذا سؤال بلا إجابة.. والسؤال الثانى: لماذا لم يلجأ رئيس الوزراء الإثيوبى إلى الاتحاد الإفريقى، على مدى عام كامل كانت مصر ترأس الاتحاد خلاله، ولجأ إليه فقط فى اللحظات التى نستعد فيها لتسليم رئاسة الاتحاد لجنوب إفريقيا؟!
هذا سؤال آخر بلا إجابة أيضًا.. ولا تفسير فى الحالتين سوى أن إثيوبيا تجد راحتها.. ومصلحتها.. فى لعبة شراء الوقت!.. وإذا قبلت مصر بالوساطة الجنوب إفريقية فتقديرى أن قبولها يحتاج إلى شيئين لضمان نجاحها: الأول أن تكون وساطة من اتحاد إفريقى، لا من شخص رامافوزا.. والثانى أن ترتبط بمدى زمنى تنتهى خلاله، وأن يعلن الاتحاد ساعتها عن الطرف المسؤول عن عدم التوصل إلى حل، إذا حدث هذا.. وإلا.. فإن إثيوبيا ستستمر فى ممارسة اللعبة نفسها!.