بقلم: سليمان جودة
أثبت الدكتور محمد عبدالوهاب أن الإقامة فى القاهرة ليست شرطا للشهرة والسُمعة، وأن المرء يستطيع أن يقيم فى المنصورة ويعمل أستاذا فى جامعتها، ثم تسبقه السمعة والشهرة معا.. ولا شىء يدل على ذلك إلا أنه ذهب يتسلم وسام فلاديمير ديمخوف فى روسيا، الذى لم يحصل عليه فى العالم إلا ٢٦ عالما لا غير.
لقد عاش ديمخوف ٩٢ سنة، ولم ينشغل بشىء، منذ وعى الدنيا وتخرجه فى الجامعة، إلا بزراعة الأعضاء، وكان أول مَنْ زرع رئة وقلبا لحيوان، ومن بعدها عاش الحيوان أسبوعا فقط، لكنها كانت خطوة البداية التى مهدت لما بعدها فى مجال زراعة الأعضاء فى العالم.
وفى جنوب إفريقيا اقتفى كريستيان برنارد أثر ديمخوف فزرع رئة وقلبا لإنسان، وكانت خطوته بداية لخطوات واسعة لاحقة.. والذين طالعوا مذكرات السير الدكتور مجدى يعقوب وجدوه يتحدث عن ذلك ويخصص له فصلا فى المذكرات.
وإذا كان الدكتور يعقوب هو اليد الحانية التى تخفف من آلام المرضى فى أسوان، فالدكتور عبدالوهاب يفعل الشىء نفسه، لكن فى المنصورة.. كلاهما يعمل فى مكانه، وكلاهما يصل بأصداء ما يعمل إلى العالم دون أن تمر الأصداء بقاهرة المعز بالضرورة.
وعندما تولى محمد عبدالوهاب رئاسة الجمعية العالمية للجراحين، وقع الاختيار على مصر لتستضيف المؤتمر الدولى الخامس والثلاثين لجمعية الجهاز الهضمى والجراحة والأورام، وتحدد نوفمبر المقبل موعداً للمؤتمر.. وكان الاختيار قد وقع على المحروسة خلال مؤتمر السنة الماضية فى روما، وكان واحد من علماء فرنسا هو الذى وقف فيه يقول إن مصر تستطيع وتستحق.
ورغم أن بيننا وبين نوفمبر ثلاثة أشهر تقريباً، إلا أنها بالقياس على الفترة الزمنية المطلوبة للإعداد لاستضافة مؤتمر دولى بالحجم المطلوب تظل فترة قصيرة، وهذا هو ما يؤرق الدكتور عبدالوهاب نوعا ما، وهذا هو ما يجعله يتمنى لو أن جهةً يعنيها الأمر فى الدولة قد بادرت ومدت يد العون والرعاية.
إننى أدعو الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، لعله ليبادر فيشمل المؤتمر برعايته، وعندما يحدث ذلك سينجح المؤتمر بإذن الله، وستكون حصيلة نجاحه لمصر وحدها لا لغيرها.. ولاتزال المحروسة تستحق توفيق السماء، لكن التوفيق لا يهبط على أرضها إلا إذا صادف فيها الإخلاص.