بقلم سليمان جودة
كان مبارك فى رحلة خارجية ذات يوم، فاستدعى الدكتور طه عبدالعليم، داخل الطائرة، ليسمع منه، كان عبدالعليم رئيساً جديداً للهيئة العامة للاستعلامات وقتها، وحين قام لينصرف من اللقاء، صارح الرئيس بأنه كرئيس للهيئة، يريد أن يكون على اتصال مباشر مع رأس الدولة، ليتلقى توجيهات العمال، فقال الرئيس: إن شاء الله!
وما إن غادر رئيس الاستعلامات، مكانه، داخل الطائرة، حتى تلقفه زكريا عزمى، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وراح يعنفه، لأنه اجترأ، وفكر فى أن يخترق «حلقة النار»، التى كان عزمى قد أحاط بها رئيس الدولة بإحكام شديد، فكانت 25 يناير نهاية طبيعية بعدها!
الواقعة رواها الدكتور رفعت السعيد فى كتابه الجديد.. ثم روى ما هو أكثر.. إذ ما كاد الرئيس يعود من رحلته، حتى أطيح بعبدالعليم!
لا أعرف ما إذا كان السفير صلاح عبدالصادق، رئيس الهيئة الحالى، يعرف هذه الواقعة، أم لا؟!.. ولا أعرف ما إذا كان المحيطون بالرئيس، قد أخذوا الدرس الواجب، من حلقة نار زكريا عزمى، أم لا؟! ولكن ما أعرفه، وما يهمنى، أن عبدالصادق كان فى البرلمان، يوم 5 سبتمبر الماضى، وأنه قال كلاماً موجعاً، وأن الذين سمعوه ممن فى يدهم الأمر، كان لا يجب أن يأتيهم نوم، حتى يعيدوا الأمور فى «الاستعلامات» وفى شأن دورها المفترض، إلى نصابها الصحيح!
وضع عبدالصادق عدداً من الحقائق المؤلمة أمام الذين قد يهمهم أن تكون فى مصر هيئة استعلامات حقيقية، وأن يكون لها دور حقيقى أيضاً!
الحقيقة الأولى أن الهيئة لا تصنع الأخبار، وإنما تروجها، ومعنى كلامه أن على الذين يلطمون خدودهم، عند كل أزمة، لأن الهيئة لم تنهض بدورها فيها، أن يشيروا لها بالضبط، إلى خبر محدد جاءها، ثم لم تنجح فى ترويجه.. والحقيقة الثانية أن الهيئة تجد صعوبة فى الحصول على المعلومة.. وهذه حقيقة منه صادمة لنا، دون شك، لا لشىء، إلا لأن الدولة تحجب معلوماتها، عن هيئة تتبعها، ولا سبيل أمامها إلى أن تقوم بدورها الذى نحتاجه، إلا إذا توافرت كل المعلومات المهمة عندها.
والحقيقة الثالثة أن لدينا فى الخارج 130 بعثة دبلوماسية، ليس لديها مكتب إعلامى واحد!.. والرابعة أن المالية خفضت ميزانية الهيئة فى وقت كانت تفكر فيه فى افتتاح خمسة مكاتب فى خمس دول أفريقية.. والخامسة أن فرض ترشيد الإنفاق على الهيئة، قد جعلها لا تجد أحباراً ولا أوراقاً تطبع عليها ما تحتاج إلى طباعته!
أعرف أن «عبدالصادق» سوف يغادر الهيئة هذه الأيام، سفيراً فى رومانيا، بما يعنى أن هناك رئيساً جديداً لها، وبما يعنى أننا إما أن نحدد معه، على وجه الدقة، ماذا نريد منها على وجه التحديد، ونخصص لها ميزانيتها الكافية، ونضع المعلومات والأخبار، المراد ترويجها، أمامها ثم نحاسبها، وإما أن نغلقها ونفضها سيرة!