بقلم : سليمان جودة
الحماس الذى تتبنى به الوزيرة نبيلة مكرم مبادرة «مراكب النجاة» يجب أن ينتقل إلى وزارات أخرى فى الحكومة، وقد تكون وزارة الخارجية فى المقدمة من هذه الوزارات، وربما يجب أيضاً أن ينتقل الحماس نفسه إلى جهات أخرى فى الدولة!فالسفيرة مكرم ذهبت إلى الفيوم تشرح لأبناء المحافظة مخاطر الهجرة غير الشرعية، ومن الفيوم انتقلت إلى البحيرة، ومن بعد ذلك سوف تذهب إلى تسع محافظات أخرى!.. ومن الواضح أن اختيار هذه المحافظات الإحدى عشرة من بين ٢٧ محافظة، كان له أساس محدد هو أنها المحافظات الأكثر إنتاجاً لمثل هذه الهجرة، والأشد معاناةً من عواقبها على مستوى شبابها!
والمبادرة هى إحدى مبادرات منتدى شباب العالم، الذى انعقد فى شرم الشيخ منتصف الشهر الماضى، وأطلق فى ختامه عدداً من المبادرات كانت «مراكب النجاة» واحدة منها.. وقد تكون أهمها!والسبب أنها مبادرة ليست خاصة بنا وحدنا، وإنما تشاركنا فيها دول أوروبا من حيث الاهتمام المفترض بها، خصوصاً الدول المُطلة على الشاطئ الشمالى للبحر المتوسط!
فلا يوجد شىء يؤرق الدول الأوروبية هذه الأيام، سوى ظاهرتين اثنتين.. أما إحداهما فهى ظاهرة اللاجئين الذين استخدمهم أردوغان فى المساومة مع دول الاتحاد الأوروبى، وراح يحولهم إلى ورقة ابتزاز فى مواجهة أعضاء الاتحاد.. وقد ابتزه فعلاً وحصل منه على سبعة مليارات يورو، فى مقابل ألا تُطلق تركيا اللاجئين فى اتجاه أوروبا المجاورة!.. وكانت هذه الممارسة الأردوغانية هى أحط جريمة يمكن ارتكابها باسم كل لاجئ هرب إلى تركيا فى ظروف إنسانية قاسية!
وأما الثانية فهى الهجرة غير الشرعية، التى تنطلق فى العادة من دول الشاطئ الجنوبى للبحر، فى اتجاه دول الشاطئ الشمالى فوق مراكب يغرق أغلبها ويذهب طعاماً للأسماك!ولأننا إحدى دول هذا الشاطئ الجنوبى، فلقد بادر الرئيس وأعلن صراحةً، فى مؤتمر «قمة العشرين وأوروبا»، الذى انعقد فى برلين قبل شهرين، أن مهاجراً شرعياً واحداً لم يخرج من الشواطئ المصرية فى اتجاه أوروبا منذ عام ٢٠١٦!
وكانت أى مقارنة بين موقفنا فى هذه القضية، وبين الموقف التركى فى قضية اللاجئين، تكشف عن أن القاهرة عاصمة تمارس مسؤوليتها تجاه جاراتها وفى مجتمعها الدولى، وأن أنقرة فى المقابل تتحلل من كل مسؤولية من هذا النوع.. وهذا ما قصدته عندما دعوت، أول هذه السطور، إلى أن يتجاوز حماس الوزيرة مكرم حدود وزارتها، ليصل إلى سائر الوزارات والجهات المعنية!