بقلم : سليمان جودة
الأخبار القادمة من تونس تقول إن ڤيروس كورونا يخطف تونسياً كل ربع ساعة، والأنباء التى نطالعها عن ساو باولو فى البرازيل تشير إلى أن الڤيروس يقتل برازيلياً كل ست دقائق، وتختلف الوتيرة التى يتنقل بها كورونا من مكان إلى مكان حول العالم، ولكن الثابت أنه لايزال يمارس هوايته فى الهجوم على البشر! والأرقام المنشورة تكشف عن حجم إصابات وصل هذا الأسبوع عالمياً إلى ٩٩ مليون إصابة، وعن حجم وفيات وصل إلى مليونين ومائة ألف!
ولا شىء فى يد هذا العالم يقاوم به هجوم الڤيروس اللعين إلا اللقاحات، التى بدأت مصر تطعيم طواقمها الطبية بها صباح الأمس، ولاتزال الدول تتصارع للفوز بأكبر عدد من الجرعات منها لمواطنيها!.. وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت من أن انفراد الدول الغنية بالعدد الأكبر من جرعات اللقاحات دون الدول الفقيرة، سوف لا يكون مقبولاً على المستوى الأخلاقى، وسوف يكون عنواناً لكارثة أخلاقية كبيرة!
ولكن.. إلى أن يتوفر اللقاح، وإلى أن يكون متاحاً للجميع، يبقى قناع الوجه لقاحاً مؤقتاً ومضموناً، ويبقى الالتزام بارتدائه فى المناطق المزدحمة والمغلقة، فرض عين على كل مواطن.. فارتداء الكمامة لا يحمى الآخرين فقط من الإصابة عن طريقك إذا كنت أنت لا قدر الله مصاباً، ولكنه يحميك أنت من انتقال الڤيروس إليك إذا كان بين الآخرين الذين يصادفونك فى الطريق مَنْ هو مصاب!
وليس سراً أن كثيرين من المصريين يستهينون بالموضوع.. وقد تمنيت لو أن الأزهر الشريف دخل على الخط بقوة فى هذه القضية التى تتعلق بالصحة العامة، وتمنيت لو أن رأياً صدر عنه يقول إن ارتداء أو عدم ارتداء الحجاب بالنسبة للمرأة مسألة تخصها، وأن الله تعالى هو وحده الذى سيحاسبها إذا كان فى عدم ارتدائه ما يخالف أوامر الدين.. ولكن الكمامة تختلف لأنها تخص الجميع، رجالاً ونساءً، ولأن عدم ارتدائها لا يضرك وحدك ولكنه يضر الآخرين فى ذات الوقت!
عدم الالتزام بأقنعة الوجه فى زمن الأوبئة لا يقع ضرره فى حدودك، ولا تعود عواقبه عليك بمفردك، ولكنه يلحق الضرر بالآخرين.. وهذا الضرر قد يصل إلى حد أن يفقد الشخص الآخر حياته، لا لشىء، إلا لأنك لم تلتزم، وإلا لأنك استهنت بالأمر!
عدم الالتزام فى زمن الأوبئة هو شروع فى قتل من جانب غير الملتزم فى حق الآخرين.. صحيح أن القاتل هنا لا يقصد، وصحيح أن القتل فى هذه الحالة هو قتل عن طريق الخطأ، ولكنه قتل فى النهاية لأن العبرة دائماً هى بالنتيجة!