بقلم : سليمان جودة
إذا أراد أحد أن يقارن بين موقف وزيرة الصحة من مأساة طبيبات المنيا، وبين موقف نقابة الأطباء من المأساة ذاتها، فسوف يستوقفه موقف النقابة جداً، وسوف يجد نفسه أمام رغبة فى إرسال ألف تحية إلى النقيب حسين خيرى، ثم إلى كل عضو مجلس فى هذه النقابة العتيدة!.
إن كل سطر فى المأساة ينطق بالحزن والوجع، وكل خطوة اتخذتها النقابة منذ اليوم الأول للحادث كانت خطوة مسؤولة بالمعنى الكامل للكلمة!.
وفى المقابل، فإن كل ما قامت به الوزيرة أنها زارت المصابين وراحت تتفقدهم.. وهذا شىء جيد لا شك.. ولكن المشكلة أنه شىء روتينى يتم مع كل حادث تقريباً، منها ومن غيرها فى الحالات المماثلة، فضلاً عن أنه فى الحقيقة عمل المحافظ الذى تقع المستشفى فى نطاق مسؤوليته.. أما مهمة الوزيرة المسؤولة عن صحة ١٠٠ مليون مصرى، فهى شىء آخر تماماً.. مهمتها أن تطلب تحقيقاً عاجلاً وموضوعياً، وأن تعلن أنها ستعاقب المتسبب بما يتلاءم مع حجم إهماله وتقصيره، وأنها ستعلن ذلك تفصيلياً على الرأى العام الذى اهتز لما حدث.. مهمتها أن تُبدى من مشاعر العطف على أهل كل ضحية وكل مصاب، بما يشير إلى أنها متألمة لما جرى أشد الألم.. مهمتها أن نسمع منها أن الحادث قد لفت نظرها بقوة، إلى الظروف الصعبة التى يعمل فيها الأطباء، الذين هم زملاؤها قبل أن تكون هى وزيرة.. مهمتها أن تكون على يقين من أنها ستعود زميلة لهم مرةً أخرى ذات يوم، لتعمل ربما فى الظروف ذاتها، وأن نرى منها دلائل هذا اليقين وعلاماته.. مهمتها أن تتكلم وأن يسمع الناس صوتها.. مهمتها أن تخاطب المصريين الذين تفاعلوا للغاية مع الحادث وأن يشعروا بأنها معهم على الخط!.
مهمتها هى هذا كله.. مهمتها تعرف أن تجديد الثقة لها فى التعديل الوزارى الأخير لم يكن شيكاً على بياض، ولكنه كان فيما نظن رهاناً من صانع القرار على أن يكون الأداء بعد التعديل مختلفاً عنه قبل التعديل!.
النقابة على الجانب الآخر وقفت مع أهالى الضحايا والمصابين وقفة رجل حقاً، بدءاً من إحالة خمسة من قيادات الوزارة ومديرية المحافظة إلى التحقيق، الذى تصل عقوبته إلى حد الشطب من النقابة، مروراً بالدفع فى اتجاه حصول المصابين على أعلى رعاية صحية ممكنة، حتى لو تطلب الأمر علاجهم بالخارج، وانتهاءً بوضع الحادث على جدول الجمعية العمومية لها فى مارس المقبل!
على الوزيرة أن تتعلم من موقف النقابة!