بقلم: سليمان جودة
دخل السودان على الخط الذى دخلت عليه ليبيا من قبل، وهو خط لا تعرف ليبيا كيف تخرج منه، وكذلك فى الغالب سيكون حال السودان.
إننا نعرف أن الحرب فى السودان دخلت عامها الثانى فى الخامس عشر من إبريل ٢٠٢٤، ونعرف أنها حرب تخرج فيها قوات الدعم السريع على الجيش السودانى الوطنى وتقاتله. ورغم طول الأمد على هذه الحرب فإن إنهاءها لن يكون إلا من داخل البلاد لا من خارجها، فالحل فيها سودانى وسوف يظل كذلك.. فلكل طرف خارجى متداخل فيها أغراضه، إلا أن يكون الطرف المتداخل لحلها طرفًا مصريًّا لا أطماع له فى السودان، ولا هدف له سوى أن تستقر أحوال الدولة السودانية.
أما كيف دخل السودان على الخط الليبى، فلقد كان ذلك عندما أعلنت قوات الدعم السريع تشكيل حكومة فى الخرطوم موازية للحكومة السودانية الموجودة فى بورتسودان، ومع الحكومة الموازية قرأنا عن مجلس تشريعى وعن مجلس قضائى يتوازيان مع مثليهما فى البلد!.
وأما ليبيا ففيها حكومة تسمى نفسها حكومة الوحدة الوطنية، وهى تتخذ من العاصمة طرابلس فى الغرب مقرًّا لها، ويترأسها عبدالحميد الدبيبة.. وفى المقابل منها توجد حكومة تسمى حكومة الاستقرار فى بنغازى فى الشرق، ويترأسها أسامة حماد!.
وفى وقت قريب كان وفد إفريقى رسمى قد زار حكومة الدبيبة فى الغرب، فلما أنهى زيارته طلب أن يزور حكومة الشرق، فكان الرفض هو الرد السريع على الطلب!.. وكان معنى الرفض أن حكومة الشرق ترفض استقبال وفد رسمى يجيئها من عند حكومة الغرب، ولم يكن هذا مجرد معنى استنتجه الوفد الرسمى، وإنما قيل له ذلك صراحةً بالطريق المباشر.
فكأن حكومة الشرق تخاصم حكومة الغرب، أو كأنها ترى فى وجودها فى الشرق وجودًا على رأس دولة تصارع دولة أخرى فى الغرب.. سمعت مثل هذه المعانى من صديق إفريقى كان عضوًا فى الوفد، وقد كان الوفد الإفريقى يأمل أن تكون الزيارة جسرًا بين الحكومتين، بما يفتح السبيل إلى مستقبل تكون فيه حكومة واحدة على رأس البلاد شرقها وغربها.. وحين روى الصديق الإفريقى بعض ما رآه خلال زيارته، فإنه كان حزينًا على أن يكون هذا هو حال بلد ينام على ثروة كبيرة من النفط!.
وليس سرًّا أن هذه الثروة من النفط هى المحرك وراء مشهد الانقسام كله، فلقد جئنا إلى زمن صار فيه النفط نقمة على الأرض التى يظهر فيها لا نعمة!.