بقلم : سليمان جودة
كلما اقتربت الجزائر من موعد السباق الرئاسى، الذى سينطلق ١٢ ديسمبر، بدا أن هناك أطرافاً خارجها ترغب فى تعطيل انطلاقه وانطلاقها معاً، وبالتالى بقاء الحال هناك على ما هو عليه!.
لا أقول بالطبع إن إتمام السباق سوف يجلب المن والسلوى للإخوة الجزائريين، ولكنه فى أقل القليل سوف يحفظ استقرارها عند الحد الأدنى، ويمنع انزلاقها إلى سيناريو الفوضى الذى انزلقت إليه دول عربية نراها حولنا.. فالجزائر دولة كبيرة، بل هى الدولة العربية الأكبر من حيث المساحة، وهى كبيرة أيضاً بسكانها، وبمواردها، وبحدودها، وبشواطئها، ولا تحتمل انزلاقاً إلى المجهول!.
وقد كان البيان، الذى صدر مؤخراً عن البرلمان الأوروبى، مريباً من حيث توقيته، ليس فقط لأنه صدر بينما البلاد بينها وبين انتخابات الرئاسة مرمى حجر، ولكن لأن السادة فى هذا البرلمان تذكروا أخيراً.. وأخيراً جداً.. أن هناك دولة اسمها الجزائر، وأنها مقبلة على استحقاق رئاسى، وأن بينها وبين هذا الاستحقاق أياماً معدودة على أقل من أصابع اليدين!.
البيان الذى صدر الخميس يدعو القائمين على الأمر، وفى المقدمة منهم عبد القادر بن صالح، رئيس الحكومة المؤقتة، ومعه أحمد قايد صالح، قائد الجيش، إلى وضع حل للأزمة الحالية فى البلاد من خلال: عملية سياسية سلمية ومفتوحة!.
ومشكلة مثل هذه العبارة الأخيرة الواردة فى البيان، أنها تبدو وكأنها صادرة عن برلمان أوروبى نام طويلاً، فلما استيقظ تذكر أن على الشاطئ الجنوبى من البحر المتوسط دولة اسمها الجزائر، وأن فيها حراكاً شعبياً يقوده الشباب من ٢٢ فبراير الماضى، وأن رئيسها السابق عبد العزيز بوتفليقة استقال فى الثانى من إبريل، وأن باب الترشح انفتح لاختيار رئيس جديد، وأن خمسة مرشحين تقدموا، وأن الناخب الجزائرى مدعو إلى تزكية واحد منهم بعد أيام!.
نام البرلمان الأوروبى عن هذا كله شهوراً، فلما استيقظ دعا إلى حل للأزمة من خلال: عملية سياسية سلمية ومفتوحة!.. ولم يوضح بالطبع ماذا على وجه التحديد يقصده من وراء هذه العبارة المطاطة!.. فهى عبارة تحتمل أكثر من معنى!.
وقد كنت أتوقع أن يدعم الاتحاد إجراء انتخابات رئاسية، وأن يدعو الشباب الغاضب فى الشارع إلى المشاركة فيها بقوة، واختيار من يراه أقرب إلى التعبير عن أفكاره وطموحاته، وأن تجرى العملية الانتخابية بعيداً عن أى تدخل من جانب أى جهة فى الدولة.. فنتيجة الانتخابات ستكون فرصة لإعادة ترتيب البيت الجزائرى بعد شهور من خلو القصر الرئاسى.. كنت أتوقع هذا، ولكن الاتحاد خيب الظن، وألقى حول العملية كلها قنبلة من الدخان!.