بقلم : سليمان جودة
يتحدث وزير الرى الأوغندى عن زيادة فى منسوب المياه فى بحيرة ڤيكتوريا، هى الأولى من نوعها منذ عام ١٩٦٤، ويتحدث عن أن الأمطار التى هطلت على منابع البحيرة على مدى ثمانية أشهر مضت، هى التى وصلت بالمنسوب إلى هذا الحد الزائد، ويتحدث معه خبراء فى شؤون المياه عن أن مصر يمكن أن تكون الفائز المحتمل فى هذه الزيادة!
والبحيرة التى تقع فى أقصى الجنوب تمثل رافداً من رافدين يحصل منهما النيل على الماء الذى يصل إلينا.. الأول هو النيل الأبيض القادم منها هناك، والآخر هو النيل الأزرق القادم من هضبة الحبشة فى الشرق، ولكن الثانى يمدنا بالقدر الأكبر من ماء النهر الخالد، ويستأثر وحده بأكثر من 80% من إيراد النهر، أما النسبة الباقية فمن البحيرة فى الجنوب!
وحقيقة الأمر أن المعركة التى سيكون علينا أن نخوضها فى سبيل كل قطرة ماء، معركتان لا معركة واحدة، أهمهما هى التى تدور على أرضنا نحن هنا!.. أمامنا معركتان، إحداهما مع إثيوبيا حول سد النهضة، وهذه معركة تديرها الأجهزة المعنية فى الدولة وتعرف أن عليها ألا تفرط فيها، لأن التفريط فيها هو تفريط فى الحياة نفسها.. تعرف الدولة ذلك وتتصرف على هذا الأساس!
وإذا صح حديث الوزير والخبراء عن فوزنا المحتمل فى الزيادة التى فاجأت البحيرة، فربما يأتى هذا الفوز ليكون تعويضاً من السماء عن الضرر الخفيف الذى قد يلحق بنا بسبب السد الإثيوبى، والذى لا أحد يعرف حدوده على وجه الدقة حتى اللحظة!
ولكن المعركة الموازية التى علينا أن نخوضها داخل الحدود، سوف تظل تتعلق بمدى وعى الناس بكل قطرة ماء فى النهر الخالد، وهذا الوعى لن يتحقق من تلقاء نفسه، ولن يولد به الإنسان من بطن أمه، ولكنه سوف يكتسبه من البيت، ومن الجامع، ومن الكنيسة، ومن وسائل الإعلام بكل أشكالها، ومن المدرسة، ومن كل خطاب سياسى يصله من الحكومة!
هذا الوعى هو الذى علينا أن نشتغل عليه ساعات اليوم كلها، وهذا الوعى يعنى أن نستخدم الماء المتاح لنا فى مكانه بالضبط، وأن نوظف كل متر مكعب أعلى توظيف ممكن، وأن يكون كل مواطن على إدراك كامل بالقيمة التى تمثلها قطرة الماء التى بين يديه!
الحصول على نسبة من الزيادة الطارئة فى البحيرة فوز محتمل، ولكن الوعى بالقيمة التى تمثلها كميات المياه الموجودة بين أيدينا فوز مؤكد، وليس مطلوباً، إلا أن نراعى الله ونحن نستخدمها فى الرى، أو فى الشرب، أو فى أى غرض آخر!