بقلم : سليمان جودة
تبقى الدول كالطائرة التى إذا زادت حمولتها على قدرتها عجزت عن التحليق فى السماوات المفتوحة بين باقى الطائرات، ولم تجد أمامها سوى الهبوط الاضطرارى تجنباً لأشد الأخطار!
وفى آخر أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، نشرت «المصرى اليوم» كاريكاتيراً على صفحتها الأخيرة للفنان عمرو سليم، كان يجسد فيه هذه الفكرة على أبدع ما يكون.. فمبارك كان يبدو فى الكاريكاتير وهو يقود طائرة، وكانت الطائرة تقذف حقيبة من بين حقائبها فى الهواء، وكانت الحقيبة تهوى على الأرض وهى تحمل اسم مسؤول كبير، وكانت أحاديث طويلة تدور أيامها عن حجم الأعباء الثقيلة، التى يمثلها وجود ذلك المسؤول على كاهل نظام مبارك الحاكم!
وكان المعنى أن مسؤولين كثيرين يمكن، فى لحظة من اللحظات، أن يكونوا عبئاً سياسياً على الحكومة، وعلى الرئيس، وعلى البلد.. أى بلد.. وعلى مجمل الناس!
وفى أزمة لبنان التى خرجت بسببها المظاهرات تهتف فى بيروت، وفى غالبية المدن، ولاتزال، سوف لا تجد مسؤولاً هناك يكاد ينطبق عليه المعنى العام فى كاريكاتير عمرو سليم، إلا جبران باسيل، وزير الخارجية فى حكومة الشيخ سعد الحريرى!
فرغم أن الرجل وزير خارجية لا علاقة له بالشأن الداخلى، إلا أنه قاسم مشترك فى كل مشكلة داخلية تقريباً.. وفيما قبل خروج المظاهرات لم يكن يوم يمر إلا وتجد اسمه طرفاً فى قضية مشتعلة هنا، أو فى أزمة ناشبة هناك!
ولا تعرف من أين يستمد هذه القوة التى تجعله على هذه الصورة؟!.. هل يستمدها من كونه رئيس حزب التيار الوطنى الحر، الذى أسسه رئيس الجمهورية الجنرال ميشيل عون، أم يستمدها من كونه صهراً للرئيس، أم من تحالف الحزب الذى يرأسه مع حزب الله؟!.. لا تعرف!
ولا تعرف لماذا التزم الصمت تماماً خلال اجتماع الحكومة الذى ترأسه عون قبل أيام، وقد كان أول اجتماع لها بعد اشتعال المظاهرات.. فالصحف فى اليوم التالى للاجتماع وصفت باسيل بأنه كان صامتاً لا ينطق بحرف طوال جلسة الحكومة!.. كأنه التزم الصمت حيث كان يجب أن يتكلم، وتكلم فى مناسبات كثيرة سابقة حيث كان يجب أن يسكت!
إننى أعرف أن لبنان فى حاجة إلى التخفف من حمولات سياسية كثيرة، أهمها بالتأكيد طائفية الحكم، لكنى لا أعرف ما إذا كان باسيل من بين هذه الحمولات أم لا؟!.. فهذا أمر يقرره الشيخ سعد!