بقلم : سليمان جودة
لم تحصل الجولة الخارجية التى قام بها الوزير سامح شكرى على التغطية الإعلامية الكافية، ربما لأن هذا الڤيروس اللعين قد استحوذ على كل شىء فى إعلامنا، فلم يترك مساحة لقضايا كثيرة فى حياتنا سوف تبقى وسوف يرحل كورونا!فالجولة كانت غير مسبوقة على خريطة جولات شكرى، ولم يحدث من قبل أن تابعناه وهو يزور ١٦ عاصمة فى ثلاث قارات مرةً واحدة!.. والموضوع طبعاً يستحق أن يزور فى سبيله عواصم الدنيا كلها، لا مجرد هذا العدد الذى شملته الجولة.. وإلا.. فهل فى حياة مصر ما هو أهم من النهر الخالد؟!الذين قرأوا فى تاريخ مصر القديم لا بد أنهم يعرفون أن المصرى كان يخاطب إله الشمس وقتها بثلاث عبارات تشرح لك، لماذا موضوع النيل هو الأهم دون منافس فى حياتنا.. كان يخاطبه ويقول: أنت تخلق النيل فى العالم السُفلى، وأنت تأتى به كما تشاء، ليحفظ أهل مصر أحياء!
والعبارة الأخيرة بالذات فيها كل شىء.. وربما لهذا السبب وقف الرئيس على منصة الأمم المتحدة فى سبتمبر مخاطباً العالم كله، بأن النيل بالنسبة لنا قضية حياة ومسألة وجود.. وفى مناسبة أخرى، قال هنا فى القاهرة، إن هناك فرقاً بين الحق فى التنمية والحق فى الحياة.. فالحكومة الإثيوبية تتحدث عن حقها فى التنمية على أرض بلادها من خلال السد الذى تقيمه على النيل الأزرق.. ونحن لا نناقشها فى ذلك.. ولكننا نناقشها ونلفت انتباهها فى كل لحظة، إلى أن حقها فى التنمية لن يكون على حساب حق شعب بكامله فى الحياة.. لن يكون.. وهذا ما يتعين عليها أن تفهمه!وحين بدا فى ختام جولات التفاوض معها فى واشنطن، أنها لا تريد أن تفهم، ولا أن تستوعب، كان لا بد أن يحمل الوزير شكرى «رسالة» بذلك كله إلى كل عاصمة ذهب إليها، والمؤكد أن الرسالة قد وصلت العاصمة الإثيوبية من العواصم الست عشرة!
ودليل وصولها أن أديس أبابا قد راحت تتكلم أثناء الجولة وبعدها عن دور إفريقى فى حل الخلاف، سواء كان هذا الدور من خلال القمة التى دعا إليها على مستوى دول حوض النهر، الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى، أو كانت على مستوى الاتحاد الإفريقى الذى ترأسه جنوب إفريفيا حالياً!.. بدا هذا واضحاً فى الأيام الأخيرة.. ولكن رد القاهرة كان أوضح، وكان يقول إننا لن نذهب إلى لقاء يجمعنا بها فى أى مكان، إلا إذا تأكدنا أن الذهاب ليس استهلاكاً إثيوبياً للوقت كما حدث من قبل مرات ومرات!. وهذا ما أتصور أن الجولة كانت تؤسس له فى ١٦ دولة، وكانت تُشهد القادة فى هذه الدول عليه!.