بقلم : سليمان جودة
بادر الدكتور مصطفى الفقى، مدير مكتبة الإسكندرية، بتكريم اسم الكاتب أحمد بهاء الدين، والدكتورة لوتس عبدالكريم، صاحبة مجلة «الشموع».. فكان تكريماً في مكانه، وكانت لفتة في محلها أسعدت الذين سمعوا بها، أو تابعوا وقائعها في مقر المكتبة على شاطئ البحر!.
كان تكريماً في مكانه، لأن الكاتب الراحل أسس مكانته بيننا بأفكاره المضيئة، ولأنه تولى رئاسة تحرير «الشموع» في عامها الأول، ولأنه هو الذي اختار لها اسمها، وربما اختار أيضاً شعارها الذي كان يقول: من أجل قيمة الجمال في الأدب، وفى الفن، وفى الحياة!.
أما فكرة المجلة فبدأت في صالون ثقافى كانت الدكتورة لوتس تشارك فيه.. وكان عبدالوهاب يحضر ومعه بهاء الدين ومصطفى محمود.. ومعهم كان يشارك آخرون من ذات الوزن!.. وتساءلت هي على مسمع من الحاضرين: لماذا نستأثر بحصيلة الصالون من النقاشات والآراء، ولماذا لا تخرج هذه الحصيلة إلى الجمهور على صفحات مطبوعة تفعل ذلك في أول كل شهر؟!.
ولاقت الفكرة ترحيباً، واقترح موسيقار الأجيال أن يكون اسمها الصالون.. ولكن بهاء الدين رآه اسماً يخاطب النخبة الضيقة في المجتمع، ولا يخاطب الجماهير العريضة في الشوارع والميادين، واقترح اسم الشموع بديلاً.. وهذا ما كان.. وقد عاشت المجلة ٢٠ سنة تنشر قيمة الجمال بين الناس وتدعو إليها!.
وقبل أيام روى الدكتور صلاح فضل، في بيت السحيمى، في شارع المعز، ما يشير إلى أن بهاء عاش يحمل عقلاً منيراً على كتفيه، أكثر مما عاش يحمل شيئاً آخر، وبالذات في الفترة التي تولى فيها رئاسة تحرير مجلة العربى الكويتية.. وقتها كان الدكتور فضل قد انتهى من دراسة عن أدب نجيب محفوظ، وكان قد عرضها على عدد من الصحف والمجلات في القاهرة لعلها ترى النور، ولكنه لم يجد لها مكاناً في أي صحيفة أو مجلة زارها!.
وفى لحظة وضعها في مظروف وأرسلها إلى مجلة العربى في الكويت، دون سابق نشر له في المجلة، ودون سابق معرفة برئيس التحرير!.. وكانت دهشته كبيرة عندما وجد الدراسة منشورة في أول عدد يصدر بعد إرسالها، ثم كانت الدهشة أكبر، عندما اكتشف أن رئيس التحرير أرجأ نشر مقالته ووضع الدراسة في مكانها!.
إننى أدعو الدكتور زياد بهاء الدين إلى إعادة طباعة مؤلفات والده، وخصوصاً «أيام لها تاريخ» و«شرعية السلطة في العالم العربى».. فمنهما سوف تعرف الأجيال الجديدة أن كاتباً له تاريخ قد مر ذات يوم من هنا.. ومن حق هذه الأجيال أن تظل تعرف هذا وتذكره!.
تكريم بهاء الدين وعبدالكريم هو تكريم لكاتب وكاتبة.. وتكريم كاتب وكاتبة هو تكريم للكلمة التي يدرك صاحبها أن عليه أن يؤدى مهمة في مجتمعه من نوع ما أداها الاثنان!.