بقلم : سليمان جودة
قبل أيام سمعت خطيب الجمعة ينصح المصلين بأن ينظفوا بيوتهم فى مواجهة ڤيروس كورونا، وألا يسمحوا لأنفسهم بأن تكون البيوت غير نظيفة كبيوت اليهود!.. كان ينصحهم بذلك مستشهداً بقول مأثور يقول فى تقديره هذا المعنى ويؤكده!ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى أسمع فيها خطيباً فى مسجد يتكلم بهذه اللهجة، ويفرق بين أصحاب الديانات السماوية من فوق منبر، لا يجب أن يكون منصة للتفرقة بين إنسان وإنسان!
فمن قبل سمعت خطيباً آخر يدعو الله تعالى أن يرحم شهداء المسلمين!.. وتساءلت بينى وبين نفسى عما إذا كان المواطن الذى سقط على أرضنا مدافعاً عن وطنه مواطناً غير مسلم؟!.. ماذا عنه فى مثل هذه الحالة، وما هو وضعه، وهل يراه الخطيب الهُمام غير شهيد؟!إننى أدعو الله أن يرحم شهداءنا.. هكذا فى العموم.. بصرف النظر تماماً عما إذا كان الشهيد، أو الذى نحسبه شهيداً، يؤمن بهذه الديانة أو تلك.. فهذه قضية تخصه، وتتعلق بعلاقة بينه وبين ربه الذى هو وحده سيحدد مَنْ الشهيد، ومَنْ غير الشهيد؟!
ولكن خطباءنا فوق المنابر قرروا الاستحواذ على هذا الحق دون السماء، وصاروا يدعون فى الغالبية منهم للمسلم حصرياً، ولا يتذكرون أن فى الوطن الواحد، وفى العالم حولنا من بعد الوطن الواحد، آخرين يعتقدون فى دين سماوى نزل مع رسول!
ولا أعرف من أين جاء خطيب بيوت اليهود بهذا القول المأثور، ولكن ما أعرفه أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقيم فى المدينة المنورة، وكان اليهود يقيمون معه فيها، ولم يبدأ بإخراجهم منها، ولا بدأ معهم بخصومة إلا بعد أن بدأوا هُم وبادروا باعتداء.. وفيما عدا هذه الحالة كانت مدينة الرسول لهم وللمسلمين سواء بسواء، وكان رسول الإسلام يدعوهم إلى الدخول فى الدين الجديد، ولم يكن يدعو عليهم، ولا كان يرغمهم على الإيمان بدينه، ولا كان يحقر من شأنهم، ولا من حال بيوتهم!
وما أعرفه أيضاً أن كورونا لا يميز، وهو يعبر الحدود، بين يهودى، ومسيحى، ومسلم، فهو يصل إلى إيران المسلمة ويحصد ضحاياه، بمثل ما يفعل بالضبط فى إيطاليا المسيحية، وبمثل ما يصيب ويضرب فى إسرائيل، سواء كان الذين يضربهم فى تل أبيب يهوداً يؤمنون بديانة سماوية مجردة، أم كانوا أصحاب عقيدة صهيونية سياسية تستحل الاستيلاء على أرض الغير دون وجه حق! هذا ما أعرفه.. وهذا ما أعتقد أن وزير الأوقاف، الدكتور مختار جمعة، فى حاجة إلى أن يدعو خطباء مساجده ليعرفوه!.