بقلم : سليمان جودة
انتقل العالم من مربع كان يتسابق فيه بقوة للوصول إلى لقاح ضد ڤيروس كورونا، إلى مربع آخر يتصارع فيه بضراوة للحصول على جرعات اللقاح ذاته.. والأنباء المنشورة كل يوم تقول إنه صراع يشتد، وإنه ميدان مفتوح لاستخدام كل الأسلحة!.
وقد وصل الصراع إلى حد أن الاتحاد الأوروبى يتجه لمنع الشركات المنتجة للقاح على أرضه من تصدير ما تنتجه إلى خارج الاتحاد، إلا بعد أن تفى بحاجة الأوروبيين من الجرعات أولًا!.
ويبدو أن المقصود بهذا الإجراء هو شركة فايزر أكثر من غيرها من الشركات، لأن مصانع هذه الشركة الأمريكية موجودة فى مدينة بورز البلجيكية التى تبعد عن العاصمة بروكسل ٣٠ كيلومترًا، ولأن إدارتها تعاقدت منذ البداية مع المفوضية الأوروبية على توفير عدد معين من الجرعات لدول الاتحاد.. وينطبق الأمر على شركة أسترازينيكا الإنجليزية أيضًا، ولكن حالة فايزر هى الحالة الأشهر!.
وفى مرحلة ما بعد وصول الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض، بدا أن هذه الشركة لن تكون قادرة على توريد ما تعاقدت عليه مع الأوروبيين، وفق الجدول الزمنى المحدد وقت التعاقد!.. ثم بدا أنها تستجيب لإغراءات خارج النطاق الأوروبى تعرض عليها سعرًا أعلى من سعر التوريد لأوروبا!.
أما عن بايدن فإدارته تقول إنها تخطط لتطعيم مائة مليون أمريكى خلال المائة يوم الأولى لها فى مقاعد الحكم، وهو رقم خيالى فى حد ذاته، ولكن الإدارة تقول هذا وتعلنه!.. ومن الطبيعى أن يذهب إنتاج فايزر الأمريكية إلى البيت الأمريكى، على أساس أن «ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع»، وعلى أساس أن الجامع هنا هو دول أوروبا التى تنتظر وهى تُمنّى نفسها!.
وأما عن السعر الأعلى الذى تستجيب لإغراءاته الشركة فهذا من طبائع الأمور، لأن فايزر وغيرها شركات عابرة وكبيرة، ولأنها ليست جمعية خيرية توزع اللقاح على الأوروبيين بسعر أقل، وتتغافل عن سعر أعلى تعرضه عليها عواصم مختلفة حول العالم!.
ثم إذا تعارضت مصلحة البيت الأمريكى مع الجامع الأوروبى، فسوف تميل الشركة إلى البيت بالطبع، وسوف تعمل على توفير حاجاته أولًا فى الغالب، ولن تلتفت كثيرًا إلى حاجة الجامع!.