بقلم : سليمان جودة
أحياناً تسمع عن دولة من الدول هنا، أو دولة أخرى هناك، تخاطب المجتمع الدولى أن يتدخل لفعل كذا أو منع كيت، فلا تملك إلا أن تضحك بينك وبين نفسك، والسبب أن التجربة العملية على الأرض تقول إنه لا شيء فى هذا العالم اسمه مجتمع دولى.. وإذا كان هناك بيننا فى المنطقة مَنْ لا يزال يخاطبه ويناديه، فهو يخاطب سراباً وينادى وهماً من الأوهام!
وإذا أردنا مثالاً صارخاً فى منطقتنا، فليس أقرب إلينا من ليبيا التى بلغ فيها الغضب بغسان سلامة، المبعوث الدولى السابق إليها، إلى حد أنه راح يصرخ محذراً من عواقب وجود ٢٠ مليون قطعة سلاح فى أيدى الليبيين.. وقد وصل عدد قطع السلاح إلى هذا الرقم المخيف، رغم وجود قرار صادر عن الأمم المتحدة بحظر توريد أى نوع من السلاح إلى ليبيا!
والمجتمع الدولى هو فى النهاية حاصل جمع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، وبالذات الدول القوية من بين ١٩٣ دولة هى مجمل عدد الدول فى العالم.. وهذه الدول القوية دون غيرها هى المعنية بتطبيق قرار الحظر رقم ١٩٧٠ لعام ٢٠١١، الذى ظل شاهداً على تدفق السلاح إلى الأراضى الليبية، والذى ظل ما يسمى بالمجتمع الدولى عاجزاً إزاءه عن فعل شىء يطبقه فى واقع الليبيين!
وأخيراً.. بل أخيراً جداً.. قرر الاتحاد الأوربى يوم ٢١ سبتمبر فرض عقوبات على ثلاث شركات متورطة فى انتهاك الحظر الليبى، إحداها شركة تركية.. ولكن بعد ماذا؟!.. بعد خراب مالطا، وبالأصح خراب ليبيا.. وقالت ستيفانى وليامز، رئيسة بعثة الأمم المتحدة فى ليبيا بالإنابة، إن هناك مهلة لخروج عناصر المرتزقة من الأراضى الليبية خلال ٩٠ يوماً من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.. فهل تستطيع أممها المتحدة؟!
وليست ليبيا وحدها فى هذا الطريق، فاليمن معها فى الهم سواء، وليس أدل على ذلك إلا ناقلة النفط «صافر» التى يحتجزها الحوثيون فى البحر الأحمر أمام ميناء الحُديدة منذ عام ٢٠١٥، ويرفضون السماح بدخول فريق الأمم المتحدة للصيانة! والجماعة الحوثية لا تحتجز هذه الناقلة فقط، ولكنها تحتجز اليمن السعيد كله منذ ٢٠١٤، ولكن المشكلة أن صافر تحمل مليوناً ومائة ألف برميل، وهى كمية معرضة للتسرب فى عرض البحر فى أى لحظة، الأمر الذى سيسبب كارثة للبيئة غير مسبوقة.. ولكن ما يسمى بالمجتمع الدولى يتفرج ويتابع ولا شىء آخر!. ومع ذلك لن يخلو الأمر من دولة هنا تخاطبه، أو دولة هناك تناديه.